تعليق صحفي

السلطة الفلسطينية والصدقات السياسية!

قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية لشئون فلسطين بأن الجامعة "ترفض" الضغوط التي تمارسها واشنطن على السلطة للتخلي عن إعلان "دولتهم المستقلة"، جاء ذلك بعد قرار الكونغرس الأميركي منع تحويل "مساعدات مالية" بقيمة 200 مليون دولار، وأوضح صبيح أن: ( أمريكا فقدت "مصداقيتها" في المنطقة العربية بسبب قراراتها المنحازة لـ"إسرائيل")، وأن مواقف الكونغرس لا تتفق مع مصالح الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة. وكالة معًا الإخبارية. ومن جهته قال رئيس السلطة بأنه لم يصله شيء رسمي بذلك حتى الآن.شبكة محيط. انتهى.

إن الدول الرأسمالية الاستعمارية كأميركا وأوروبا لا تتصرف إلا وفق مصالحها، ولا وجود في سياسة اليوم للصدقات المالية أو الصدقات السياسية؛ لذلك فإن دعم أميركا المالي المعلن للسلطة الفلسطينية ب600 مليون دولار سنويًا وبرضى يهود، لا يمكن أن يفهم إلا في إطار خدمة المصالح الأميركية و(الإسرائيلية)، وقد سبق وأن دافعت إدارة أوباما عن دعمها للسلطة، فقد قال المنسق الأمريكي الأمني الجنرال مايكل مولر في هذا السياق: (إن قطع التمويل ستكون له عواقب وخيمة ليس فقط على الفلسطينيين بل على الإسرائيليين أيضا" مردفًا: "لقد انخفض عدد الهجمات على الإسرائيليين بحوالي خمسة وتسعين بالمئة خلال السنوات الخمس الماضية".) وكون مشروع السلطة الأميركي اليهودي الأمني هو مصلحة أميركية يهودية يعتبر حقيقة سياسية ثابتة، ولكننا نعيد عرضها لعلها تقوى أكثر، فتزيل الغشاوة عن عيون المخدوعين والمطبلين لسلطة حماية يهود.

وإن كل إدارة أميركية تأتي تؤكد على حرصها وتحالفها مع كيان يهود، فتدعم السلطة الأمنية الفلسطينية لتقوية ساعدها في حماية أمن أوليائهم اليهود، وتحرص كل الحرص على عدم انهيار هذه السلطة التي تعمل كشركة أمنية كبيرة لحماية يهود، وقد بدا ذلك واضحًا في استمرار هذا الدعم وفي محاولة أوباما الحثيثة للتأكد من عدم منع الكونغرس لتحويل 50 مليون دولار الشهر الماضي حتى إنه لجأ إلى التأثير اليهودي على الكونغرس.

وبهذه الخطوة الجديدة يكون الكونغرس وبدفع من اللوبي اليهودي قد جذب أذن عباس بشدة إرضاء لنتنياهو من خلال إقرار منع تحويل 200 مليون دولار للسلطة، ويبدو أن إدارة أوباما غير راضية –وهذا طبيعي- فلذلك تحركت أبواقها التي لا تنطق ولا تتحرك إلا برضى وإذن منها كالجامعة العربية لتعلن "رفض" ضغوط الكونغرس!

وربما تلجأ أميركا إلى أعوانها من الحكام كأمثال أردوغان لتعويض هذا الدعم المسموم، وقد سبق أن تحايلت إدارة بوش على مثل هذا المنع من خلال وضع هذه الأموال كجزء من الموازنة المخصصة للعراق ثم صرفها للسلطة.

وقد أكد صبيح على الخط العريض الذي تتعامل معهم أميركا بخصوص قضية فلسطين على أساسه، وهو أن منع هذه المبالغ ليس في مصلحة أميركا في المنطقة، وهو بذلك يثبت على نفسه وعلى جامعته وعلى السلطة أنهم يعملون لمصالح الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة دون حياء، فقد عدموه كما عدموا عقلهم وصلتهم بأحكام ربهم عندما اعتبروا أميركا ذات مصداقية ولو للحظة واحدة.!

أن أميركا -لمن قرأ القرآن ويرتبط بأدنى صلة مع ربه- عدو لله ولرسوله وللمؤمنين، وإن هؤلاء السياسيين الذين يتلهون ببعض المناصب والأموال لا يفقهون من السياسية إلا المناصب والأموال، فيعتبر أمثال صبيح أن التلويح بأن قطع هذه الأموال المسمومة عن السلطة ليس من مصالح أميركا هو أسمى ما أنتجه فكرهم التافه العقيم!

(أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا يَتَخَيَّرُونَ)

2-10-2011م