تعليق صحفي

الرؤية السياسية للسلطة والمنظمة هي التفريط بفلسطين،

 فهل باتت مطلباً لحماس وبقية الفصائل؟!

 اعتبر وكيل وزارة الخارجية في حكومة غزة القيادي في حركة حماس د. غازي حمد، "أن  خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، أسس لقواعد سياسية باتت تشكل نقطة لقاء وقاسم مشترك لكل الفصائل الفلسطينية، مشددا على دعوته بضرورة إنجاز المصالحة والوحدة الوطنية ... مؤكدا أن الجميع بات متفقا نظريا على الرؤية السياسية، والاختلاف بات فقط في الأدوات ووسائل التنفيذ، وهو أمر يمكن تجاوزه" .

ما من شك أن خطاب محمود عباس في الأمم المتحدة سعى لترسيخ "شرعية" قيام ما يسمى "بإسرائيل" على الاراضي المحتلة عام 1948م في نظر العالم، وما من شك كذلك أن الرؤية السياسية للمنظمة والسلطة الفلسطينية هي المشروع الأمريكي للمنطقة، والمتمثل بإقامة دويلة فلسطينية هزيلة تعيش جنباً إلى جنب كيان يهود المحتل تسهر على حمايته وتكسيه ثوب "الشرعية"، وما من شك كذلك أن طريق تحقيق هذه "الغاية" –ضمن رؤية المنظمة والسلطة- هي المفاوضات ورفض أي عمل مسلح يمكن أن يمس أو يخدش كيان يهود بسوء. فهل هذه الرؤية هي ما يتفق السيد غازي حمد مع عباس فيها ويراها أساساً صالحاً لوضع برنامج سياسي موحد لجميع الفصائل؟!

لقد أبان عباس، أكثر من مرة بما لا يدع مجالاً للظنون والتأويلات، بأنه وسلطته ومنظمته لا يريدون عزل الكيان اليهودي أو "إزالة الشرعية عنه"، فقد صرح بالقول: "لا نريد من خلال هذه الخطوة عزل إسرائيل، ولا نرغب بذلك، كما أننا لسنا ذاهبون لنزع الشرعية عنها" بل أوغل في تصريحه وبين وظيفة سلطته التطبيعية بالقول: "يدعون أننا نريد نزع شرعية إسرائيل، وهذا ليس صحيحا، بل نريد أن نمنح الشرعية لأنفسنا للعيش إلى جانب إسرائيل... ونحث الدول العربية على الاعتراف بها"، وأكد مراراً وتكراراً بأنه وسلطته ومنظمته متمسكون بالمفاوضات المذلة، فقال "ذهابنا للأمم المتحدة لا يعني أننا ضد المفاوضات، ولم نذهب للمنظمة الدولية إلاّ لأن المفاوضات غير موجودة"، ناهيك عن مواقفه وسلطته في موضوع التنسيق الأمني المخزي وحرصه على  "إنهاء عذابات يهود!".

هذه هي رؤية عباس التفريطية، وهذه معالم سياسته، وهي ظاهرة للعيان بما لا يخفى على أحد، فهل هي ما تريده حكومة حماس وتدعو الفصائل إلى العمل المشترك تحت لوائها؟!

مرة أخرى تبرز ميوعة المواقف السياسية لحكومة تعتبر أنها تنفذ برنامج حركة  "إسلامية" من المفترض أن تكون مواقفها من قضية حسم الإسلام شأنها واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، كما تؤكد هذه المواقف أن من رضي الانخراط في لعبة سياسية لا تقوم على أسس شرعية، ورضي بسلطة تحت الاحتلال وتحت سقف اتفاقيات باطلة، بأنه لن يسلم من الزلل.

إن الرؤية السياسية التي يجب أن تتحد عليها الفصائل جميعها هو الهدف الذي زعمت أنها قامت لتحقيقه، وهو تحرير فلسطين المحتلة كاملة، وهو الواجب الشرعي على تلك الفصائل (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ).

وهي إن عجزت عن تحقيق ذلك فلا أقل من أن تبقي جذوة الصراع متقدة وتفتح برنامجها السياسي على أفق الأمة الإسلامية الرحب، والذي بات يتشكل على أسس جديدة، ومن المرتقب أن يشهد تغييراً جذرياً انقلابياً في البلاد العربية عبر التخلص من الأنظمة المستبدة ونفوذ المستعمرين وإقامة الخلافة من جديد، فتسير جيوش المسلمين لتحرير فلسطين، ويدخل المسلمون المسجد الأقصى مهللين مكبرين كما دخلوه أول مرة.

(إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا) 

27-9-2011م