تعليق صحفي
عباس يمعن في استخفافه بقضية فلسطين وعقول المسلمين من خلال مهزلة أيلول
أكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على تصميمه الذهاب إلى مجلس الأمن لطلب عضوية دولة فلسطين على حدود 1967 لافتا إلى أنّ الاعتراف الدولي سيغير من معادلة التفاوض مع "إسرائيل".
وشدد في خطابه الذي ألقاه أمس أمام المجلس المركزي الفلسطيني برام الله على تمسكه بالمفاوضات كخيار استراتيجي...وقال عباس "نذهب إلى الأمم المتحدة لأننا مضطرون لذلك وهذه ليست خطوة أحادية الجانب"، وذلك بعد فشل المفاوضات مع "الإسرائيليين".
من يتابع تصريحات رجال السلطة بخصوص ما بات يُعرف باستحقاق أيلول يكاد يظن للوهلة الأولى أنّ السلطة تريد –بحق- خوض جبهة سياسية خارج أطر ما رسم لها من مسار سياسي، وأنها خرجت عن طور الطاعة والولاء الذي تدين به لأمريكا وكيان يهود. لكن رجال السلطة لا يتركون مجالاً لهذه "الظنون"، فلا يفوتون فرصة للتأكيد على تقيدهم بالدور المرسوم لهم ويسهبون في الشرح والتفصيل لئلا تُفهم خطواتهم على غير ما يشتهون!!.
فالتوجه للأمم المتحدة فوق أنّه جريمة لما فيه من تضييع للمحتل عام 48 وتحكيم للمؤسسات الدولية التي هي أدوات الاستعمار في قضية من أهم قضايا المسلمين، علاوة على كونه خطوة ورقية ليس لها تأثير حقيقي على أرض الواقع، إلا أنّ عباس يؤكد فوق ذلك على أنّ هذا التوجه للأمم المتحدة ليس بديلاً عن التفاوض بل هو سلوك "اضطراري" سلكته السلطة أو أملي عليها لحث كيان يهود على العودة للمفاوضات.
إنّ السلطة دأبت على التأكيد أنها لا تستهدف وجود كيان يهود أو شرعيته بخطوتها هذه، كما حرصت على التأكيد أنها لجأت لهذه الخطوة مضطرة وأنها ليست أحادية الجانب، وكل هذا العوامل والتبريرات تفقد خطوة السلطة تأثيرها اذا افترضنا أنها صاحبة قرار في سيرها السياسي.
إنّ السلطة باتت عبئاً ثقيلاً على أهل فلسطين، وفي كل خطواتها التي تزعم فيها السعي لتحقيق مشروعها "الوطني" تجلب المصائب عليهم وتفرط بالمزيد من حقوقهم وتضيع مقدساتهم وأرضهم المباركة، فالسلطة كانت منذ اللحظة الأولى مشروعاً دولياً لخدمة أجندات القوى الاستعمارية وكيان يهود ولتكون سيفاً مصلتاً على رقاب الناس ليرضخوا للإرادة الدولية التي ألقمت فلسطين ليهود، وها هي اليوم تمعن في الاستخفاف بقضية فلسطين وعقول المسلمين وتحاول إلهائهم بمهزلة أيلول، وهذا ما بات مفضوحا لكل من ألقى السمع وهو شهيد.
فلتكف السلطة ورجالها أيديهم عن فلسطين وليرعوا خير لهم، وليعلموا أنّ الأمة لن ترحم كل من فرّط بالأرض المباركة أو تلاعب بها، بل ستحاسبه حساباً عسيراً ولعذاب الآخرة أشد.
3-8-2011