تعليق صحفي
دول إجرامية تطارد الأفراد وتحتفي بالنصر عليهم !
 
أعلن أوباما عن النيل من المجاهد الشيخ أسامة بن لادن، رحمه الله حيا وميتا، بعد مطاردات دامت ما يقرب من العقد من الزمان، وطاردت دولة اليهود كوكبة من المجاهدين على أرض فلسطين وخارجها، وكانت آخر مطارداتها في الإمارات ودمشق والسودان، بعدما كانت طائراتها قد بعثرت جثث قافلة من الشهداء على أرض فلسطين، ضمّت القياديّين ياسين والرنتسي، رحمهما الله، وكانت أمريكا قد طاردت كوكبة أخرى من المجاهدين، خلال السنوات الماضية، بل واستأجرت شركات قتل مأجورة لتنفيذ مهامها القذرة، كشركة بلاك وتر، التي أوجدت لها موطئ قدم على أرض فلسطين، كما نقلت الأخبار قبل أشهر.
 
إن هذه الجرائم الوحشية لتدل بوضوح على أن هذه دول استعمارية تستبيح دماء المسلمين، بل تستبيح دماء أخيارهم من المجاهدين، فمن ذا الذي تصدى للنيل من قادة تلك العصابات الإجرامية في أمريكا وفي دولة الاحتلال اليهودي ؟ بل ومن ذا الذي يتبرأ اليوم من الاتصالات السياسية الوسخة مع قادة تلك الدول الإجرامية ؟ وهل يمكن للأنظمة المستبدة فوق رقاب الأمة وللسلطة الفلسطينية أن تطرد العصابات الموظفة في شركات القتل الأمريكية قبل أن تتجذر في أرض فلسطين كما تجذرت في باكستان وفي العراق من قبل ؟
 
لا شك أنها أسئلة مؤلمة بلا أجوبة، وقد جرت غالبية هذه العمليات في بلاد المسلمين، وخنس الحكام العملاء في كل الحالات، حتى عند إثبات الجريمة على الأعداء من اليهود والصليبيين، واكتفى أعظمهم بطولة بالاحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين. فإلى متى تبقى هذه الحالة من الاستخفاف بالأمة ! ألسيت أمة الجهاد والاستشهاد أولى بالعزة والعنفوان من أمريكا والكيان اليهودي المسخ!
 
كانت أمريكا قد تغنّت في وثيقة "استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة" التي نشرتها في العام 2006، بالقبض على خالد الشيخ محمد، بطريقة تجعل المرء يفكر أن تلك الإستراتيجية هي خطة لعصابة مافيا تطارد أشخاصا مبعثرين في أصقاع الأرض، وتحتفي بسقوطهم، وليست استراتيجية لأقوى دولة على الأرض تدّعي أنها تحمل رسالة إنسانية. مما يؤكد أنها دول هشة استأسدت بسبب تخاذل حكام الأمة بعدما استخفتهم، كما قال الله تعالى في حق فرعون: "فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ".
 
ويحق القول أن الهبوط لهذا المستوى من التفكير الإستراتيجي ليؤكد أن عرش أمريكا يترنّح، وهو مؤذن بخراب عمران أمريكا، في تحقيق جلي لنظيرية ابن خلدون حول الدول بأن "الظلم مؤذن بخراب العمران".
 
إن هذه الأعمال الإجرامية توجب على كل مخلص غيور يسعى للتحرر من التبعية الغربية ومن الاحتلال، في حركات المقاومة وفي الحركات الثورية في الأمة أن يرفض أي تواصل سياسي مع هؤلاء القتلة، وهي توجب أيضا على كل من أنشد أعذب الألحان لأوباما خلال خطابه المفضوح في القاهرة أن يصحو من سكرة الرأسمالية العفنة، ومن الهذيان بالشرعية الدولية لأنها شريعة غاب تبيح القتل للقويّ، فتعتبره نصرا وعدالة وتحقيقا للأمن، وتمنع دفع العدوان عن الضعيف فتعتبره إرهابا !
 
واليوم يزداد الواجب وجوبا على علماء الأمة وعلى الحركات المخلصة، بأن تعلي صوتها لجيوش الأمة لكي تقتص لأبطالها ونسائها وأطفالها وشيوخها الذين نالت منهم أيدي المجرمين القتلة، وخصوصا من أمثال بن لادن الذي أدرك معنى المفاصلة بين الحق والباطل ومعنى التحرر من التبعية الصليبية ولم يقبل نهج المهادنة مع الأنظمة، لعل نداءات المخلصين تجد آذانا صاغية في ضباط جيش يتأهبون –خصوصا في باكستان- لإعادة صناعة الحاضر على أساس من العدل الرباني الذي تقرر فيه:
 
"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ"
4/5/2011