تعليق صحفي
السلطة الفلسطينية تحارب أحكام الإسلام في الزواج استرضاءً لأسيادها
في مواصلة من السلطة لحربها على الإسلام وأحكامه، وسعيها المتواصل للتقارب مع الغرب وإرضائه حتى لو كان الأمر على حساب الإسلام وأحكامه، مثلما شوهت مناهج التعليم وجعلتها تستجيب لما يريده يهود وأمريكا وأوروبا من دعوة إلى التعايش السلمي وحوار الأديان وتلاقي الحضارات، في مقابل تشويه صورة الجهاد أو تجنب ذكره، ومثلما فعلت في مساجد الله حين خفضت صوت الأذان ومنعت صوت القرآن من أن يخرج إلى السماعات الخارجية فيما كُشف عنه لاحقا أنه كان لإرضاء سكان المستوطنات اليهود وعدم إزعاجهم، والأدهى من ذلك وأمر أن حولت منابر رسول الله إلى منابر سلطوية تروج من خلالها إلى مشاريع السلطة التنازلية والتخاذلية، وعدت كل من ينادي إلى التمسك بالإسلام وأحكامه داعيا إلى التطرف والإرهاب.
 
وها هي السلطة تلاحق المسلمين على أبسط أحكام الإسلام والتي تتعلق بالحياة الاجتماعية، كالزواج.
فقد أصدر المجلس الأعلى للقضاء في الأراضي الفلسطينية الأحد قرارا يحظر إجراء عقد قران لرجل متزوج من دون إبلاغ زوجته الأولى، وعلم الثانية بأنه سبق له الزواج.
 
وتضمن تعميم أصدره الشيخ يوسف ادعيس رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي القائم بأعمال قاضي القضاة، إلى جميع المحاكم الشرعية في الأراضي الفلسطينية، ضرورة عدم إجراء عقد زواج للرجل المتزوج من دون إبلاغ الزوجة الأولى وحضورها لتأكيد ذلك. كما تضمن التعميم ضرورة إفهام المخطوبة بأنّ خاطبها متزوج بأخرى،
 
والشيخ ادعيس بتعميمه هذا يقلد الحكام الذين يصدرون مراسيم وتعميمات لتعديل القوانين التي شرعوها من دون الله، وهو بهذا يريد تعديل الأحكام الشرعية بغير ما أنزل الله إرضاء لهوى الحكام ومن وراءهم من الكفار، " اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ".
 
فالغرب ومنذ زمن بعيد وهو يسعى إلى محاربة فكرة تعدد الزوجات الموجودة عند المسلمين، لأنه يرى فيها صونا للمجتمع من الانحلال، وحصنا من السير وراء العلاقات غير الشرعية، هذا فضلا عن ما في تعدد الزوجات من زيادة لأعداد الثروة البشرية لدى المسلمين والتي تؤرق الغرب. فكل هذا لا يريده الغرب، بل يريد للمسلمين أن يتأخروا في سن الزواج قدر الإمكان حتى تبقى الغرائز مشتعلة ملتهبة لدى الشباب فتقودهم إلى الانحراف والشذوذ، ومن هنا حارب الغرب وأزلامه الحكام الزواج المبكر تحت ذريعة حماية البنات. ويريد الغرب من المسلمين أن لا يتزوج الرجال إلا واحدة، وإن لم تكن تكفيه فعليه بالخليلات وبائعات الهوى كما هو الحال عندهم.
 
ولذلك حارب الغرب ومن خلال عملائه الفكريين فكرة تعدد الزوجات وعملوا على تحريف النصوص الشرعية من أجل تنفير المسلمات والمسلمين من التعدد، وفي بعض الدول تمكن الغرب من تجريم الزواج الثاني كما في قانون الزواج المدني في لبنان وتونس.
 
وها هي السلطة هنا، ربيبة الغرب، تسعى إلى التضييق على من يريدون التعدد في خطوة لا يُستبعد على السلطة أن يتلوها تجريم للتعدد مستقبلا في حال وجدت الطريق أمامها ممهدا، ولم تجد ردة فعل عنيفة من الناس، وهو ما أشارت إليه وزيرة شئون المرأة ربيحة ذياب التي رحبت بالتعميم واعتبرت إخبار الزوجة بنية زوجها بعقد قرانه من زوجة أخرى أمر ضروري "حفاظًا على الأسرة، ولكن هذه الخطوة غير كافية، ونأمل بأن يتبعها حدودا أكثر، والعمل على الحد من تعدد الزوجات في حال غياب الأسباب الموجبة لذلك".
 
ونظراً لما صنعه الإعلام والمفكرون الغربيون والحكام وعلماء السلاطين من هالة سوداء حول تعدد الزوجات مما حمل النساء على رفض الفكرة ومحاربتها على الرغم من أنها حكم شرعي من الله، مما يعني دفع الزوجة الأولى إلى رفض زواج زوجها للثانية، وإذا ما علمت بنيته لفعل ذلك لجأت إلى التصعيد ومحاولة الضغط عليه بالتهديد بتفكيك الأسرة، لذلك يلجأ بعض الرجال لمسايسة الزوجة الأولى بأن يتزوج عليها دون علمها ولاحقا يعلمها بالأمر بالتدريج.
 
ولهذا جاءت السلطة لتقطع على الرجال هذا الطريق، محاربة منها لحكم الله بجواز تعدد الزوجات دون شرط.
 
قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ } ففي الإسلام لم يشترط الله على الزوج لصحة زواجه بالثانية علم الأولى ولا موافقتها.
 
وحتى العدل بين الزوجات وإن كان واجبا إلا أنّه ليس شرطا للتعدد. وصحيح أنّ عدم إخبار الزوج للزوجة الثانية بأنّه متزوج قد يدخل في الخداع، ولكن هذا الأمر لا ينطبق على الزوجة الأولى، الذي هو محل اهتمام السلطة لتضيق على الزوج. والسلطة لم تتذرع مجرد تذرع في قرارها بالحكم الشرعي بل تذرعت بمسوغات عقلية لا قيمة لها شرعاً، فقالت بأن التعميم يأتي في إطار الحفاظ على الأسرة الفلسطينية.
 
من الواضح أنّ السلطة قد باعت دينها بدنيا غيرها، وأنها لا تفتأ تحارب دين الله بكل ما أوتيت من قوة سعيا وراء إرضاء أسيادها. ولكن لتعلم السلطة بأنّ الله لها بالمرصاد وقريبا سيكون للأمة وقفتها التي ستضع بها حدا لكل طواغيت هذا الزمان ولتحاسبهم على ما اقترفت أيديهم أشد حساب.
 
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }
وإلى أن يأتي ذلك اليوم فإننا ندعو أهلنا في فلسطين إلى أن يقفوا في وجه السلطة المارقة على دين الله، وأن يضعوا لتطاولاتها على دين الله حدا لا تتجاوزه.
 25-4-2011