خبر وتعليق
أوباما والثورات العربية وخيبته السوداء
كما لو أنه يملك مقاليد الأمر والنهي في هذا الكون، وهذه الأنهار تجري من تحته، وله كنوز الشرق والغرب، ورياح الكون تحمل له بذور اللقاح وحبات المطر، يتحدث الرئيس الأمريكي عن الانتفاضات العربية كما لو أنها حيكت في البيت الأبيض وأنه وإدارته قد جيّشوا الملايين التي انتفضت على الحكام الأتباع لهم!!.
إن حديث أوباما عن الانتفاضات العربية بأنها تخدم الولايات المتحدة ووجوب أن تتعاون هذه الثورات معها ومع كيان يهود، يأتي في سياق التشكيك بهذه الثورات العفوية التي انطلقت بشعور الناس بحجم الظلم الذي يقع عليهم، وتطلعهم للتخلص من التبعية، وتأتي في سياق التشكيك بعودة الحياة لهذه الأمة الكريمة المعدن، ومحاولة لثنيها عن تحركها بوصم الثورات بأنها تخدم أمريكا، فأوباما يدرك أن المسلمين يرون في العلاقة مع أمريكا العدوة للإسلام وأهله أنها علاقة مشبوهة.
إن أوباما بإدارته الضعيفة التي لم يشهد تاريخ الولايات المتحدة لها مثيلاً في الضعف، عاجزة عن أن تتحكم بحركة هذه الشعوب الثائرة التي نفضت عن كاهلها غبار الضعف والخوف والتبعية، وتخطت حاجز الصمت والوهن وغدت أمة تستعيد روحها بعد أن ظن أعداؤها أنها في النزع الأخير فإذا بها حية وقوية وصاحبة عزيمة وشكيمة وإن رقدت سنين.
إن مما لا شك فيه أن القوى الغربية الاستعمارية من أمريكيين وأوروبيين قد تفاجأت بحركة الأمة الجماهيرية أيما مفاجأة وأنها من هول الصدمة تسعى لتقليل تسارع حركة الامة وعرقلتها ومحاولة تجيير هذه الثورات وسرقة انجازاتها.
لقد ظنت –أمريكا وأوروبا- أن الأمة قد خلدت إلى الخوف واستكانت إلى الذلة بعدما سلطت عليها كلابها المسعورة من الحكام الأتباع، كما أربكها تداعي التحرك في الأمة في أقطار شتى كتداعي الجسد لبعضه، وأرعبها تطلع الناس نحو الإسلام والخلافة وإن سعت عبر وسائل الإعلام لتزييف الحقيقة وإيهام المسلمين بأن هذه الثورات ثورات لأجل الخدمات، وها هي اليوم تحاول أن توهم الشعوب بأن هذه الثورات التي ترمي للتخلص من هيمنتها أنها تخدمها وما هي إلا كاذبة خاطئة.
إن حديث أوباما يقف وراءه التوهين في حركة الأمة التي انطلقت للتخلص من الاستعمار وأدواته بعدما شعر هو إدارته وقوى الغرب الاستعمارية بالعجز على السيطرة على هذه الجماهير، لكن خاب فأله وطاش سهمه، فأبناء المسلمين ما عادت تنطلي عليهم ألاعيب الكافرين، ولن يفلح أوباما ولا كاميرون ولا ساركوزي ولا برلسكوني من خطف هذه الثورات أو سرقة انجازاتها، وما على الأمة سوى ان تقطع حبال العلاقة بالغرب بالكلية –بعد او وصلها الحكام الأقنان-، وأن تواصل سيرها نحو التغيير الشامل والجذري عبر اقتلاع الأنظمة بفكرها لا بأشخاصها وحكوماتها فحسب وإقامة نظام الإسلام على أنقضاها، ليرفع الظلم عن المسلمين ويعودوا سادة الدنيا وخير أمة أخرجت للناس فينعموا وتنعم البشرية بالعدل والاستقرار في ظل حكم الإسلام.
5-3-2011