بالأمس اتخذت الإدارة الأمريكية على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون قرارا بتحريك السفن الأمريكية إلى شواطئ ليبيا متذرعة بالحفاظ على المسلمين هناك من شرور القذافي، ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها ضد المدنيين، وادّعت الإدارة الأمريكية أن البعض من قوى المعارضة قد طلب منها ذلك.
والسؤال الذي يفرض نفسه في هذا الحدث المهم هو: (هل صحيح أن دماء المسلمين عزيزة على أمريكا إلى هذا الحدّ، وأنها تتحرق وتتمزق من شدة الألم على هذه الدماء، ومن اجل ذلك قامت بإرسال السفن العملاقة، وحاملات الطائرات والبوارج، وغير ذلك من قطع الأسطول الأمريكي)؟!!
انه لا يخفى على مبصرٍ عاقل ما فعلته أمريكا وما زالت تفعله في أفغانستان والعراق، حفاظا على مصالحها المادية من أجل البترول والأسواق وإيجاد العملاء السياسيين؛ فقد أزهقت أرواح الآلاف من الأبرياء؛ نساءً وشيوخاً وأطفالا، وقامت بمذابح رهيبة يترفع عنها وحوش الغاب في قلعة جانجي، وفي الفلوجة وفي العامرية، وفي مطار بغداد وفي سجون أبي غريب وغوانتنامو!!..
فأمريكا لا تفكر أبدا بدماء المسلمين ولا يهمّها هذا الأمر إطلاقا، بل هي على استعداد لتسفك دماء الآلاف من أبناء المسلمين من اجل بئر بترول أو فتح سوق تجاري لبضائعها، أو من أجل المحافظة على احد عملائها من السقوط، وإذا كان يهمّها الأمر كما تكذب وتفتري فلماذا تأخرت إلى هذا الوقت بعد أن سفك القذافي دماء الآلاف من المسلمين ؟
إن الذي يهمّ الرأسماليين ودولهم، هو المنافع والمصالح المادية حتى ولو كان ذلك على حساب الدماء والحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسان.. وغير ذلك، من الشعارات التي يتغنى بها قادتهم وزعماؤهم، فما هي إلا محض كذب وافتراء يكذّّبها الواقع، ويكذّبها حتى المفكرون في بلادهم، والسبب أن أمريكا تدين بالمبدأ الرأسمالي ألمصلحي النفعي، وتتبنى سياسة الكذب واللفّ والدوران وفن ّالممكن والبراغماتية والميكافيلية في تحقيق أهداف هذا المبدأ حتى ولو كان أحيانا على حساب دماء شعبها كما حدث في ميناء هارفارد!!
وهناك أمر تتحسب منه أمريكا في هذه الثورات وخاصة في ليبيا؛ وهو بروز الإسلام مرة أخرى بدل هؤلاء العملاء، بسبب الفراغ السياسي؛ لذلك أتت أمريكا بأساطيلها وقواتها، ووضعتها على مقربة من سواحل ليبيا تحسباً من أي طارئ جديد قد يحصل في هذا البلد المسلم، والذي يتميّز بالروح الجهادية العالية، وحب الشهادة، وكراهية الاستعمار وأعوان الاستعمار من العملاء السياسيين ، ويتميز كذلك بحفظة القرآن الكثر، وحب الناس للإسلام، وشوقهم لتطبيق حكم الإسلام ...
إن أمريكا حتى لو قامت بتضييق الخناق على القذافي وأعوانه، فليس ذلك حباًّ في أهل ليبيا المسلمين، ولا لرفع الحرج والمشقة عن كاهلهم، إنما هو لأغراض سياسية، تصب في المحصلة في دائرة الحرب على الله ورسوله وأمة الإسلام، وتصبّ في دائرة خدمة مصالحها السياسية والاقتصادية!!..،
إن الواجب الشرعي على أهل ليبيا جميعا من سياسيين وإعلاميين وعسكريين، وعلماء ومفكرين هو أن يقفوا في وجه هذا الاعتداء، وهذه الحرب على الله ورسوله وأمة الإسلام، وأن يستجيبوا لله ولرسوله بإقامة دولة الإسلام في ليبيا وما جاورها من بلاد المسلمين، وان يرفعوا علم الجهاد في سبيل الله ضد هذه الدول الطامعة استجابة لقوله تعالى (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) .
2-3-2011