أعرب الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن اعتقاده بأنه لا اساس لتخوف الغرب من قيام دولة اسلامية في مصر.
 
وقال موسى هذه المخاطر لا أساس لها، أنا مدرك للمعضلة التي يواجهها الغرب فهي تثير مخاوفه الى حد ان بعض المثقفين والسياسيين مستعدون للتضحية بالديموقراطية بحجة تخوفهم من الدين.
 
هذا وسبق لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون أن حذرت دول المنطقة من تنامي قوة "المتطرفين"، وهو ما أكد عليه رئيس هيئة الاركان اليهودي غابي أشكنازي في مؤتمر هرتسيليا قائلاً "المتطرفون في صعود وعلينا الاستعداد لحرب شاملة".
وكان ديفيد كاميرون قد صرح قائلاً: "اخشى أنه كلما طال هذا الوضع ان يتعزز موقف الذين يريدون اقامة دولة مصرية لا نريدها".
 
واعتبر وزير الخارجية اليهودي ليبرمان ما يدور في مصر مشهد من مشاهد الصراع الحضاري قائلاً: "إن العالم مقسم اليوم إلى قسمين، معتدلين ومتطرفين. والصدام هو بين حضارتين، حضارة العالم الحر المعتدل وحضارة العالم المتطرف. ... فالإسلام السياسي هو الذي يسيطر على الشرق الأوسط ولا توجد قوة إقليمية تصده".
 
*****
 
كشفت أحداث مصر وتصريحات قادة القوى الاستعمارية وأدواتهم الحكام عن النظرة الحقيقية التي تنظر من خلالها تلك القوى إلى بلاد المسلمين وشعوبهم، كما كشفت هذه الاحداث والتصريحات عن أن الصراع لم ينفك عن كونه صراعاً حضارياً عقدياً يوما ما، مهما أُلبس من زينة وزخرف، وأن الغرب –على اختلاف مصالحه السياسية في المنطقة- يقدّم الحرب الفكرية ومجابهة صعود الحضارة الإسلامية على أية مصلحة أخرى.
 
 إن مما يتغافل عنه عمرو موسى ويدركه قادة الغرب الاستعماري تمام الإدراك، أن الإسلام -وليس التطرف كما يزعمون- في صعود، وأن هناك عاملاً كامناً يحرك تلك الجموع المنتفضة والثائرة في مصر وتونس وبقية بلاد المسلمين، ألا وهو عقيدتها المتغلغلة في أعماقها والتي تطفو على السطح كلما ألمّ بالأمة أحداث جسام، ولا أدلّ على ذلك من صلاة المنتفضين في ميدان التحرير في مشهد يدبّ الرعب في قلوب الكافرين، مما دعا ليبرمان للقول "الإسلام السياسي هو الذي يسيطر على الشرق الأوسط ولا توجد قوة إقليمية تصده".
 
إن مما لا شك فيه أن وسائل الإعلام، والتيارات السياسية الموالية للغرب والمنخرطة في اللعبة السياسية القذرة في بلاد المسلمين، تجمع على محاولة تهميش دور الإسلام وتطلع المسلمين نحو عزتهم وريادتهم للبشرية، عن الساحة وتحريك تلك الجموع، وما ذلك إلا سعياً لطمس هذه الجذوة التي لن تنطفئ بإذن الله.
 
إن الذي جعل أهل مصر لا يقبلون التطبيع مع كيان يهود طوال عقود بالرغم من اتفاقية كامب ديفيد المخزية، هو الإسلام الكامن في قلوبهم وليس الديمقراطية...
 
إن الذي جعل أهل مصر يرفضون حصار غزة وينقمون على النظام جراء فعلته النكراء هذه، ليس الديمقراطية وإنما الإسلام...
 
إن الذي دفع المتظاهرين إلى اختيار صلاة الجمعة منطلقا لانتفاضتهم هو إدراكهم بأن الإسلام هو يجمع المسلمين وليس الديمقراطية والأفكار العلمانية واليسارية...
 
إن الذي يدفع الملايين للصلاة في ميدان التحرير وفي غيره من أرض الكنانة، هو الإسلام وليس الديمقراطية...
 
إن الذي يدفع أهل مصر لأن يحفظوا أهل ذمتهم "الأقباط" ويحسنوا معاشرتهم هو الإسلام وليس النظام المصري أو الديمقراطية التي اهرقت دماءهم للفتنة...
 
تلك الإشارات وغيرها الكثير مما تخفيه وسائل الإعلام والقوى السياسية المتآمرة على الامة بما فيها الأحزاب الموالية للغرب، تلتقطها "رادارات" الدول الغربية ومجسّاتها، وتجد سبيلها للتحليل والتفكير مما ينتج عن ذلك إدراك للحقيقة التي يحاول موسى وغيره طمسها وتحويل مسار الناس إلى حيث يريدون من التضليل.
 
إن الغرب وأدواته من الحكام، لا يخشون من قيام نظام كنظام كتركيا، فنظامها سند للنفوذ الاجنبي على اختلافه، ولا يخشون نظاما كالنظام الإيراني فهو يمثل دور البطولة في مسلسل غربي الصنع والإنتاج والإخراج، ولا من دولة كالسودان أو السعودية، بل يخشون أن تقوم للمسلمين دولة حقيقية، فتقضي على النفوذ الاستعماري الغربي، وتستأصل شأفة يهود وتقضي على كيانهم، بل تلاحق الغرب في العالم لتخليصه من هيمنة الرأسمالية اللاإنسانية، وتحريره من عبوديتها، لينعم في عدل وطمأنينة الإسلام.
 
من هذه الدولة ومن هذا التغيير الحقيقي والجذري يخشى الغرب وأدواته، فهل تدرك الأمة إلى أين تسير؟، وهل تدرك بأن بإمكانها أن تقيم الخلافة في مصر أرض الكنانة لتكون نقطة انطلاق نحو بلاد المسلمين والعالم، فتحظى بشرفي الدنيا والآخرة؟، هل يدرك أهل مصر الكنانة أنهم لازالوا كنانة الله في أرضه وأنهم أحفاد جند عمرو بن العاص وصلاح الدين والظاهر بيبرس وقطز فيكملوا الطريق حتى نهايته ولا ينخدعوا بخدع الحكام وأزلامهم والقوى الغربية الاستعمارية عدوة الاسلام والمسلمين؟!!
إنه سؤال وتطلع في رسم تحرك أهل مصر الكنانة وتحول تطلعاتهم نحو التغيير الحقيقي الجذري الذي يؤرق أوباما وكلينتون وكاميرون وساركوزي وميريكل ونتنياهو وليبرمان...
 
10-2-2011
 
{jcomments on}