كما كان متوقعاً من اجتماع لجنة المبادرة العربية بالأمس، فقد جاءت قراراتها لترسخ الانبطاح السياسي الذي اعتاد عليه حكام العرب أمام أمريكا ويهود، وعادت لتجتر المواقف السابقة المعهودة عنها تجاه قضية فلسطين.
 
فقد رهن حكام العرب استئناف المفاوضات الفلسطينية "الإسرائيلية" بموقف السيد الأمريكي وقراراته من خلال ما أسموه بـ "تقديم عرض جاد من الولايات المتحدة يوضح مرجعيات التفاوض وأسسه." وهو الموقف ذاته القديم والمتجدد من حكام العرب ومن السلطة، والذي لم يكن يتوقع أحد خلافه بعد أن بات واضحا للعيان أنّ الآمر الناهي في موضوع المفاوضات وفي مواقف السلطة هو ميتشل وكلينتون وأوباما، وما رموز السلطة وقادة العرب إلا واجهة للعرض، وأداة تنفيذ مجانية للقرارات الأمريكية.
 
ويبدو أنّ الاجتماع القصير لميتشل بعمرو موسى ومبارك ورئيس الوزراء القطري والذي تزامن مع اجتماع لجنة المبادرة العربية كان كفيلا بأنّ لا تخرج اللجنة عن الخط الأمريكي المرسوم لها.
 
واستكمالا لمشروع التضليل الممنهج للمسلمين تجاه قضية فلسطين، الهادف إلى إفقاد المسلمين بوصلة التحرير والحفاظ على دوام دورانهم في حلقة مفرغة فقد شدد رئيس لجنة المتابعة رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للاجتماع على ضرورة التوجه إلى مجلس الأمن في حال فشل المفاوضات، وذلك من أجل تحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
 
واستبق التعليقات التي قد تصدر عن المراقبين وعن المسلمين الذين أصبحوا على يقين بأنّ مجلس الأمن ما هو إلا أداة بيد القوى الغربية وأمريكا لخدمة مصالحهم دون غيرهم، فقد قال "من الضروري اللجوء لهذا الخيار حتى لو كانت الولايات المتحدة ستستخدم حق الفيتو ضد أي قرار يمكن أن يصدر عن المجلس".
 
مع أنّه قد ظهر للقاصي والداني بأنّ قرارات مجلس الأمن لا تعدو أكثر من حبر على ورق - هذا إن صدف وأدانت "إسرائيل" أو طالبتها بشيء-، كقرارات 242 و 338 و 181، ومع أنّ حكام العرب والمسلمين يعرفون ذلك، ولكن الإصرار على تضليل المسلمين لحرفهم عن طريق التحرير الحقيقي لفلسطين ولنصرة أهل فلسطين، وتبعية هؤلاء الحكام للدول الاستعمارية هو ما يقودهم إلى هذه المواقف المخزية.
 
ألا فليكف حكام العرب والسلطة عن التلاعب بالمسلمين، وليتوقفوا عن محاولة الضحك على ذقون المسلمين بشعارات وقرارات وخطوات فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع، وليعلنوها على الملأ بأنّ تحرير فلسطين هي مهمة الجيوش، لا مجلس الأمن والمفاوضات العبثية.
 
16/12/2010

{jcomments on}