بيت لحم- معا- يستعد الجيش "الاسرائيلي" لاحتمال ان تكون قواته غير قادرة على الدخول الى المدن الفلسطينية بإرادتهم بناء على طلب السلطة مؤخرا.
وقد طلبت السلطة الفلسطينية مؤخرا من الجيش "الإسرائيلي" تفادي دخول المدن عدة مرات وان هذا الطلب حظي بدعم من الادارة الاميركية التي تدرب قوات الامن الفلسطينية.
وقال ضباط "اسرائيليون" لـ "هآرتس" أن زيادة التعاون مع قوات الأمن الفلسطينية، جنبا إلى جنب مع قدرات جهاز المخابرات "الاسرائيلي" "الشين بيت" في الضفة الغربية، يعني أن الجيش "الإسرائيلي" يمكنه التعامل مع مثل هذا التغيير.
واضاف: "الاجهزة الامنية الفلسطينية تسيطر على المدن بشكل جيد والذي يهرب الى واحدة من تلك المدن لن تجد صعوبة في القبض عليه".
*****
يبدو أن تعبير السيادة المنقوصة لا يفي الحالة التي تعيشها أو تستجديها السلطة حقها، وأن الأجهزة الأمنية الفلسطينية وفق ما يرد من أخبار وتقارير، بل وفق ما يُشاهد بأم العين من قبل أهل فلسطين من التنسيق الأمني الكامل الذي لم يتأثر بتقلبات الأوضاع السياسية ولا بانقطاع او استمرار المفاوضات، قد باتت مكوناً رئيسياً من مكونات الاحتلال.
وإلا فما تفسير هذه الأنباء وهذه الإجراءات التي أعقبت زيارة العديد من القادة العسكريين اليهود للأجهزة الأمنية الفلسطينية للاطلاع على تجهيزاتهم وتفقد قدراتهم، كزيارة أشكنازي للأجهزة الأمنية في بيت لحم ومن قبلها زيارة مسؤول الشاباك لكل من جنين ورام الله وزيارة رئيس الإدارة المدنية وقائد المنطقة الوسطى لرام الله وحضورهما مناورة أجراها الحرس الرئاسي الفلسطيني؟! وهل توصل المقيّمون لتلك الأجهزة إلى حقيقة مفادها أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية أشد حرصاً واعلى كفاءة في الحفاظ على أمن يهود؟!
لقد برهنت السلطة وأجهزتها الأمنية طوال السنين الأخيرة على مدى تفانيها في خدمة الكيان اليهودي الغاصب لقاء أن يمنحها جزءاً من سيادة وهمية، وشاهدنا كيف بطشت الأجهزة الأمنية باهل فلسطين لتأمين حماية جنود الاحتلال أو مستوطنيه، في الوقت الذي يتعرض فيه أهل فلسطين لاعتداءات مستمرة من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين دون ان تحرك تلك الأجهزة الأمنية ساكناً، حتى أن تخاذلها لم يعد يخجلها حيث دعا أحد المحافظين في الضفة عبر إذاعة محلية المواطنين العزل إلى تنظيم فرق حراسة ليلية لحماية محصول الزيتون والبلدات الفلسطينية من اعتداءات المستوطنين!! فلأي غرض تعدّ تلك الأجهزة الأمنية وتدرّب؟!!
هل تبحث السلطة بطلبها من قوات الاحتلال عدم دخول مناطق "أ" عن حفظ ماء وجهها الذي طالما أريق على اعتاب الجيبات العسكرية وعند ادنى نقطة تفتيش؟! وهل تريد من ذلك أن تمارس البطش والقمع على أهل فلسطين المساكين أكثر مما تمارسه الآن؟! وهل لا تشعر السلطة بالخجل عندما يؤكد الضباط العسكريون اليهود أن هذا الإجراء لن يغير من الحالة الأمنية وأن تعاون قوات الامن الفلسطينية مع الشين بيت سيفي بالغرض؟! أليس من المخجل للأجهزة الأمنية أن تستمع لجيش يهود عندما يطمئن لهروب أحد المطلوبين إلى مناطق السلطة لان القاء القبض عليه من خلال الأجهزة الامنية الفلسطينية هو أمر مؤكد؟! فهل ترضى تلك الأجهزة ان تخدم المحتل أكثر من جيشه؟!!
لقد آن الأوان لمنتسبي الأجهزة الأمنية ان يفيقوا من احلامهم وأن يستمعوا لدوي الواقع الصارخ الذي لا يدع مجالا لغافل أو مضلل، لقد آن لهم أن يدركوا أن دعاوى بناء مؤسسات الدولة "العتيدة" ليست سوى عبارات جوفاء وذرائع ليطلب السياسيون التابعون منهم البطش بأهلهم وأخوتهم لصالح الكافرين والمحتلين، لقد آن لهم أن يدركوا بانهم باتوا كالقوات العراقية والأفغانية التي تقاتل جنباً إلى جنب القوات الأمريكية، وكم حاول هؤلاء المتأمركون أن يبرروا سيرهم مع المحتل إلا أنهم فضحوا في الدنيا ولازالت الفضائح تعريهم يوما بعد يوم، ولعقاب الآخرة أشد وانكى.
فهل آن لهؤلاء أن يتداركوا أنفسهم وان يعودوا لحضن أهلهم وامتهم؟ أم انهم قد جاوزوا المدى وأن علينا أن ننتظر فضائحهم عبر ويكيليكس جديد؟
نرجو من الله أن تكون الاولى لا الثانية.
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)
25-10-2010م