كانت عائلة المعتقل السياسي، محمد الخطيب قد نشرت مناشدة للمؤسسات والمراكز الحقوقية للعمل على تطبيق قرار الإفراج بحق ابنهم، في الصحف المحلية، صحيفتي القدس والأيام وذلك يوم الأربعاء 13/10/2010.
 
نص المناشدة:
 

مناشدة للمراكز الحقوقية للعمل على تطبيق قرار الإفراج بحق محمد الخطيب
عائلة وأقارب المعتقل السياسي محمد الخطيب(28 عاماً)، يناشدون مؤسسات وهيئات ومراكز حقوق الإنسان والحريات، والشخصيات الحقوقية والسياسية أن يساعدوهم في الإفراج عن أبنهم المبرمج محمد خطيب، المعتقل لدى أجهزة السلطة الفلسطينية برام الله منذ 10/8/2010 رغم صدور قرار من محكمة العدل العليا بتاريخ 30/8/2010 بالإفراج الفوري عنه.
وتتوجه عائلة الخطيب إلى جميع أصحاب الضمائر الحية للعمل على الإفراج عن ابنها الذي ساءت حالته الصحية وتعطلت حياته دون وجه حق.
 

 

فحظيت هذه المناشدة باهتمام المؤسسات الحقوقية، كمركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان، وكذلك بعض الشخصيات السياسية والحقوقية.
 
كتب المحامي زياد أبو زياد في جريدة القدس اليوم 17/10/2010 مقالا تعرض فيه إلى هذه القضية، وأبدى موقفه وموقف القانون الرافض لسلوك الأجهزة الأمنية مع قرارات القضاء والذي عده استهتارا واستخفافا بالقضاء ودليلا على عدم استقلالية القضاء، وتساءل "لماذا لم نسمع احتجاجا من السلطة القضائية أو النيابية ضد أولئك الذين لا يحترمون القضاء ولا ينفذون قراراته ويجعلونه من وجوده أو عدمه سيان.".
 
والمقال غني عن التعليق، فهذا رجل يتحدث بلغة السلطة وقانونها، فهل في السلطة من يعقل هذا الكلام؟!!!
 
وفيما يلي نص المقال:
 
الاحد وكل يوم أحد .. سيادة حكم القانون...وقرارات محكمة العدل العليا
الأحد أكتوبر 17 2010 - المحامي زياد أبو زياد
 
يشعر المرء بالحزن والألم معاً وهو يقرأ مناشدة في الصحف اليومية تناشد الرئيس ورئيس الوزراء ومؤسسات حقوق الانسان ان تعمل على اطلاق سراح معتقل تقدم بطلب الى القضاء لاطلاق سراحه ووصل أعلى مرتبة تقاض وهي محكمة العدل العليا التي اصدرت قراراً بإطلاق سراحه ومع ذلك فهو لا يزال معتقلا لدى احد الاجهزة الامنية التي ترفض تنفيذ قرار محكمة العدل العليا وتصر على استمرار اعتقال هذا المواطن.
 
مثل هذا لا يمكن ان يحدث في أية دولة او سلطة يتحدث مسؤولوها عن استقلال القضاء وحكم القانون.
 
لقد استثارني اعلان مناشدة تكرر في صحف الايام الاخيرة. واعاد الى ذهني اعلانات مماثلة من اشخاص آخرين تتكرر من حين لآخر سواء فيما يتعلق بمعتقلين سياسيين او قضايا اخرى ذات صفة عامة.
 
ولقد حاولت ان افهم لماذا يتم احتقار القضاء ورفض تنفيذ قراراته وهو أمر يشكل في حد ذاته مخالفة قانونية تلزم باتخاد العقوبة ضد من يحقر المحكمة ويرفض تنفيذ قراراتها.
 
ولقد قيل لي فيما قيل ان هناك مشكلة أعمق من مجرد تنفيذ او عدم تنفيذ قرار المحكمة العليا، وهي مشكلة تتعلق بأداء النيابة والمحكمة في آن واحد.
 
ومما قيل في هذا الصدد ان هناك حالات تتوفر فيها الادلة والقناعات لدى الجهاز الامني بتهمة موجهة الى شخص ما وانه عند تقديم هذا الشخص الى المحكمة لا تقوم النيابة بواجبها او تقصر في بعض الامور الاجرائية فيضطر القاضي الى إصدار القرار بالافراج عن المعتقل، وعندها يضطر الجهاز الامني الى استمرار احتجاز حرية ذلك الشخص واعتقاله رغم قرار المحكمة بالافراج عنه لقناعته بعدم اطلاق سراحه!
 
وقيل لي في المقابل، ان النيابة تقوم بواجبها على أكمل وجه، وان القاضي يحكم حسب الادلة التي تقدم أمامه، وانه اذا ما أصدر قاض او هيئة محكمة قرارا بالافراج عن شخص ما، فإن الجهاز الامني الذي كان قد قام باعتقاله يرفض تنفيذ قرار المحكمة ويصر على استمرار اعتقاله! وايا كانت الحقيقة وسواء كان هناك تقصير في اداء النيابة وتساهل من جانب القاضي، او كانت النيابة تعمل بشكل سليم والقضاء كذلك ولكن الجهاز الامني يتحدى النيابة والقضاء ويرفض الانصياع لمبدأ سيادة حكم القانون واستقلال القضاء، فإن النتيجة واحدة وهي ان هناك خللا جسيما في منظومة العدالة واستهتار بمبدأ حكم القانون وسيادته واستقلال القضاء.
فما العمل؟
 
ان من ابسط مبادئ العدالة هي ان الشك يعمل لصالح المتهم، وان المتهم يبقى بريئا حتى تثبت ادانته، ولا جريمة ولا عقوبة الا بنص قانوني ولا توقع عقوبة الا بحكم قضائي.
 
واكثر من ذلك فان القانون الاساسي الفلسطيني ينص على ان الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس، ولا يجوز القبض على احد او تفتيشه او حبسه او تقييد حريته بأي قيد او منعه من التنقل، الا بأمر قضائي وفقا لاحكام القانون. فهل بعد هذه النصوص اجتهاد او رأي لاحد كائنا من كان؟!
 
ليس الهدف من هذه العجالة تناول حالة النيابة او الجهاز القضائي اللذين تطورا بشكل مذهل من حيث المباني والاثاث والاتمتة ولكن هناك شك كبير فيما اذا كانا قد تطورا من حيث الاداء بنفس القدر الذي تطورا فيه من حيث المظهر والشكل.
 
المطروح للمناقشة هو لماذا لم نسمع احتجاجا من السلطة القضائية او النيابية ضد اولئك الذين لا يحترمون القضاء ولا ينفذون قراراته ويجعلونه من وجوده او عدمه سيان.
 
المطلوب من الاجهزة الامنية على كافة انواعها ان تحترم القانون والقضاء وان لا ترفض تنفيذ امر او قرار قضائي صدر عنها لانه اذا كان من مهام هذه الاجهزة هو السهر على امن المواطن وسيادة حكم القانون فان رفض تنفيذ قرارات المحاكم بما في ذلك قرار محكمة العدل العليا هو اعتداء سافر على القانون لا احتراما له وانصياعا لتعليماته.
 
المعروف في اي وضع سليم وفي ظل اي حكم ديمقراطي ان تقوم الاجهزة الامنية بالسهر على حماية الامن والنظام العام وان تعمل على تنفيذ القانون وقرارات القضاء، وان تخضع للرقابة من قبل الحكومة، ذلك لان هذه الاجهزة هي اداة تنفيذية في يد صانع القرار في السلطة التنفيذية. فهذه الاجهزة لا تضع سياسة وانما تنفذ سياسة، وتخضع للرقابة والمساءلة.
 
وفي نفس الوقت الذي تخضع فيه الاجهزة الامنية للرقابة والمساءلة من قبل الحكومة، فان الحكومة ذاتها تخضع للرقابة والمساءلة من قبل البرلمان، وبالتالي تكون الاجهزة والحكومة خاضعة للرقابة الشعبية الممثلة بالبرلمان المنتخب الذي يجسد مبدأ حكم الشعب من قبل الشعب ولمصلحة الشعب.
 
في الحالة الراهنة هناك غياب للرقابة البرلمانية بسبب عدم وجود مجلس تشريعي يراقب ويسائل الحكومة، وبالتالي فان الحكومة تتحمل مسؤوليات اكبر مما لها بالقانون وتخضع لضغوطات لا تستطيع الوقوف امامها بسبب غياب المجلس التشريعي الذي بالاضافة لما له من صلاحتي المساءلة والرقابة فانه يوفر الحماية للحكومة التي تتمتع بثقته البرلمانية ويدافع عنها اذا ما تعرضت للضغوط او المؤثرات الخارجية، ويحول دون رضوخها لهذه الضغوط والمؤثرات.
 
استمرار تغييب المجلس التشريعي يثقل كاهل الحكومة بنفس القدر الذي يترك لها هامشا للعمل في فراغ قانوني قد يوقعها في مخالفات قانونية لا تستطيع القيام بها لو كانت هناك رقابة ومساءلة تشريعية. وفي مثل وضع كهذا فان من غير المستبعد ان تزداد شوكة وقوة الاجهزة الامنية لدرجة ان تشب عن الطوق وتستسيغ عدم الرضوخ لتعليمات الحكومة وعدم احترام قرارات القضاء واحكامه. وقد ادى مثل هذا الوضع في كثير من دول العالم الثالث الى تحول هذه الدول نحو حكم الجيش او الاجهزة الامنية وانتفاء واختفاء كل مظاهر الديمقراطية التي ناضل الناس من اجل الحصول عليها.
 
المطلوب اليوم وبأسرع وقت ممكن، هو احترام سيادة القانون وحكمه والحفاظ على هيبة القضاء واحكامه، ويبقى دائما امام الاجهزة الامنية حق اللجوء للقضاء المرة تلو المرة حتى تؤدي واجبها والمهام الشاقة الملقاة على عاتقها دون الوقوع في شرك رفض تنفيذ قرارات المحاكم وتحقير القضاء وبالتالي مخالفة القانون بدلا من حمايته. ولا شيء يمكن ان يبرر او يفسر رفض تنفيذ قرار صادر عن اعلى هيئة قضائية وهي محكمة العدل العليا.
انتهى المقال
17/10/2010