تناقلت وسائل إعلام عديدة ومنها وكالة معًا خبر استطلاع الرأي الذي أجراه مركز القدس للإعلام والاتصال ومن أهم ما جاء فيه أن:
•        54.3% من الفلسطينيين، يعتقدون أن استئناف المفاوضات تخدم المصلحة الفلسطينية.
•        نسبة الثقة بمحمود عباس ارتفعت من 14.8% في نيسان من العام الحالي، إلى 19% في أيلول الجاري.
•        نسبة الذين يرون تحسنا في الأداء الأمريكي الدبلوماسي تجاه قضايا الشرق الأوسط ارتفعت من 10.1% في نيسان من العام الحالي إلى 13.9% في أيلول الجاري.
•        52.9% تعتقد أن المفاوضات هي الإستراتيجية الأكثر فعالية للفلسطينيين من أجل الوصول لأهدافهم الوطنية
•        25.7% قالوا إن المقاومة العنيفة هي الأفضل
•        15.7% قالوا إن المقاومة اللاعنيفة هي الرد الأفضل
•        نسبة الرضى عن الطريقة التي يدير الرئيس بها عمله في رئاسة السلطة الفلسطينية ارتفعت من 48.6% في نيسان الماضي إلى 53.9% في أيلول الحالي.
•        وفيما يتعلق بالجدل الذي ثار حول تزايد بعض مظاهر "التزمت" في المجتمع فإن 62.5 % لا يصافحون الجنس الآخر،85.9% منهم قالوا إن ذلك يعود لأسباب دينية
 
=-=====================================-=
تعتبر استطلاعات الرأي في الأصل أنها طريقة لقياس الرأي العام، كون أن للرأي العام قوة خفية مؤثرة على عامة الناس بحيث ينساقون تحت تأثيره، ولذلك يحسب له السياسيون الحسابات، ولكن الأمر تجاوز ذلك إلى استخدام هذه الاستطلاعات في توجيه وخداع الرأي العام بدلاً من قياسه!
ونحن هنا لن نعلق على صحة هذا المقياس كمقياس من عدمه ولكننا سنعلق على قلب الحقائق وقلب المقاييس ووضع العربة أمام الحصان واستغلال وسائل الإعلام لخداع الناس من قبل السياسيين المخادعين.
فاستطلاعات الرأي تعتمد على انتقاء شريحة عشوائية من الجمهور، ولكن الحاصل أن هذه الشريحة ليست عشوائية وبنظرة واحدة إلى نتائج استطلاعات الرأي التي تصدر من غزة والأخرى التي تصدر من الضفة نستطيع أن ندرك هذه الحقيقة، لأننا سنرى بكل وضوح النتائج المتناقضة لنفس موضوع الاستطلاع.
والأسئلة يجب أن تكون حيادية لا تحمل توجيه الإجابة في أسلوبها أو عددها أو صياغتها، وخيارات الإجابة يجب أن لا تحمل وجهة نظر القائم على الاستطلاع ولو بشكل خفي، فعند السؤال عن "تحسن أو عدم تحسن في الأداء الأمريكي الدبلوماسي تجاه قضايا الشرق الأوسط" فإن مسألة رفض التدخل الأميركي في القضايا الإسلامية غير وارد، والوارد هنا هو جعل التدخل الأميركي هو القدر المقدور وما علينا سوى ملاحظة مدى هذا التدخل، ويلاحظ تسمية الالتزام بحكم شرعي يتبناه مسلمون "حرمة المصافحة" تزمتًا! وهذا مثال على إدخال وجهة نظر القائمين على الاستطلاع وهي بلا شك وجهة نظر غربية رأسمالية.
 
وعند الحديث عن المصلحة الفلسطينية لم يقل لنا القائمون على الاستفتاء شيئًا عن ماهية هذه المصلحة أهي فتح المعابر أم استرجاع الأراضي المغتصبة أم رفع حاجز عسكري أم ماذا؟!
إن مثل هذه الاستطلاعات تكذبها الوقائع ويكذبها الجمهور، فعلي أي أساس سيقول 52.9% من أهل فلسطين أن "المفاوضات هي الإستراتيجية الأكثر فعالية للفلسطينيين من أجل الوصول لأهدافهم الوطنية" ؟ فهل حررت لهم المفاوضات أرضًا أو نكأت لهم عدوًا؟! وإذا كان كبراء السلطة أصحاب مشروع المفاوضات يعترفون بفشلها وأنها لم تحقق شيئًا يُذكر فكيف يستقيم أن يقول الجمهور عكس ذلك؟!
وهل 52.9% من أهل فلسطين لا يعرفون أن المفاوضات على أرض الإسراء والمعراج من أكبر المعاصي والجرائم؟!
أما آخر النكات فهي الرضى عن خط سير عباس، فو الله إنها لمضحكة من المضحكات، فكيف يكون ذلك وعباس نفسه لم يلتزم بشيء من وعوده وذهب كل مرة إلى المفاوضات ذليلاً صاغرًا؟!
هذه ملاحظات سريعة على أرقام مزيفة تريد تزييف الوعي العام، وليعلم مثل هؤلاء أن الحقائق الشرعية أقوى وأرسخ وأوجب من كل رأي أو رقم، فسواء كانت هذه الأرقام صحيحة (فرضًا) أو لم تكن فإن هذا لن يغير من الحقائق الشرعية شيئًا سواء حاول طمسها بعض المنسلخين عن ثقافة الإسلام وعن قضايا أمتهم أم لا؟
فإن فلسطين أرض خراجية إسلامية وليست أرضًا وطنية ، وليست قطعة أرض يملكها أهل فلسطين، وفلسطين أرض الإسراء والمعراج لا تقبل القسمة على اثنين، ولا تقبل أن تكون مفصولة عن حقيقته الإسلامية الخالصة، وهؤلاء المفرطون الذين يخوضون عملية التفريط كل يوم بوجه وأسلوب جديد لن يجنوا إلا الشوك في الدنيا وعذاب جهنم في الآخرة.
25/9/2010م