ملأت أصداء صفقة الأسلحة "السعودية" الأمريكية الأخيرة الأرجاء، ولا غرو في ذلك فهي من أكبر الصفقات العسكرية الدولية حيث من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار، وهي كذلك الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الصفقة الأكبر التي تعقدها "السعودية" بعد صفقة "اليمامة"، والتي اشترت فيها "السعودية" من الحكومة البريطانية عام 1985 أسلحة بقيمة 86 مليار دولار أمريكي، والتي أخذت شهرتها بسبب ضخامة الرشاوى والعمولات فيها، التي تم الكشف عنها عام 2007.
فلأي شيء يشتري النظام السعودي هذه الأسلحة حتى عُد الأكثر إنفاقاً في العالم على التسلح؟ وهل هي صفقات تُملى عليه إملاءً لتوفر فرص عمل للمواطن الأمريكي وتحرك ركود اقتصاده أم انه صاحب قرار في اتخاذها؟ وهل سيمتلك النظام السعودي تلك الأسلحة على الحقيقة أم أنها حبر على ورق؟! وهل لدى الجيش السعودي طواقم لتشغيل هذه المعدات والأسلحة المتطورة أم ستبقى الفرق المهنية والعسكرية الأمريكية تمسك بخطامها؟!
وهل تستخدم تلك الأسلحة لصالح الأمة وقضاياها؟! فتتحرك السفن لتمخر عباب البحر وتثير الدبابات عواصف الرمال عبر الصحراء وتخرق الطائرات حواجز الصوت متجهة نحو فلسطين الأرض المباركة مسرى النبي محمد لتحررها؟!! أم أن تلك الأسلحة ماضية على الحوثيين وبرداً وسلاماً على يهود والصليبيين؟!!
ثم لكل عاقل أن يدرك معنى تلك الصفقة الباهظة الثمن والتي لن تؤدي وفق خبراء إلى خلخلة ميزان القوى في المنطقة وسيبقى كيان يهود صاحب السبق ويحتل المركز الأول فيها، فكيف لأسلحة ضخمة ومعدات رهيبة بمبالغ باهظة أن لا تؤدي إلى تغيير يذكر في ميزان القوى؟!!
لقد باتت الأنظمة العربية ولا سيما أنظمة بلدان الخليج مخزن مال للقوى الغربية الاستعمارية، فهي لم تكتف بنهب خيرات المسلمين منها والاستيلاء على كثير من منابع نفطهم، ونهب صناديقهم الاستثمارية الضخمة، وتحميلهم عبء الأزمة الاقتصادية بل ها هي تغرق تلك الدول بصفقات أسلحة صممت خصيصاً لنهب الأموال والثروات.
لقد باتت الجيوش لدى الأنظمة العربية سيفاً مسلطاً على المسلمين، وحملاً ثقيلاً يرهق كاهل الأمة ويُعدم ميزانيتها ويجعلها دولاً مدينة دون أن يكون لها دور يذكر على صعيد الأمة وقضاياها.
فالجيوش لا دخل لها في رد أي عدوان عن الأمة، فأسلحتها ليست لقتال المحتلين أو تحرير الأرض المحتلة ولو كانت مباركة أو مطهرة كفلسطين، فتلك الجيوش باتت خانعة خاضعة لأنظمة اتخذت من "السلام" خياراً استراتيجياً، فأكل الدهر وشرب على معداتها المكدسة في المخازن اللهم إلا ما استخدمته في قمع وحرب وقتل المسلمين بعضهم بعضاً.
أيتها الجيوش الرابضة في ثكناتها، أيها القادة أيها الجنود، ألستم أحفاد الفاروق وخالد وصلاح الدين؟ فعلام تبقون ساكتين أمام تخاذل حكامكم وتآمرهم على أمتكم؟! ألا تتحرك فيكم النخوة وأنتم ترون أبناء المسلمين يقتلون ويشردون وأنتم تتدربون على كافة الأسلحة المتطورة؟! ألا تتحرك فيكم النخوة وأنتم تمتشقون الأسلحة وتركبون البحار والأجواء؟! ألا تشاهدون بلاد المسلمين المحتلة؟!
لقد آن لكم أن تتحركوا عاجلاً لتنصروا هذا الدين وحملة دعوته، لقد آن لكم أن تعيدوا سيرة الأنصار وان تقيموا الخلافة من جديد، فأنتم أهل لذلك إن عزمتم أمركم وتوكلتم على ربكم وسعيتم لعزة أمتكم ووضعتم الآخرة نصب أعينكم.
فهل ترضون أن تكونوا سبب ذل أمتكم وبيدكم أن تقودوها نحو العلا؟!!
16-9-2010م