ذكرت جريدة القدس أن "الحكومة المقالة تطالب بتحرك عربي وإسلامي عاجل لنصرة القدس"، وأن وزير الأوقاف والشؤون الدينية في الحكومة المقالة "طالب أبو شعر" بعث ببرقيات ورسائل لوزراء الأوقاف في السعودية وقطر والبحرين والسودان والكويت واليمن والمغرب والأردن ومصر وإيران دعاهم فيها إلى "نصرة القدس".
 
انه في الحقيقة خبر "حكومي" عادي، بل عادي جدا، لان مضمونه هو مجرد مطالبةٌ عامة مثلُها مثلُ غيرها من مئات المطالبات التي توجه لكل ما هو عربي وإسلامي، بل إن الأمر صار يتضمن توجيه المطالبات لكل ما هو إنساني وعالمي، لدرجة أن "النضال الفلسطيني" بات يعتمد الآن كليا على توجيه النداءات والاستغاثات وطلب المعونات من "حكومات "الأشقاء" ومن حكومات "الأعداء" على حد سواء.
 
إن طلب الاستغاثات بات يطال كل جزئيات المعاناة لأهل فلسطين، ما بين وقف القتل اليومي من قبل يهود، ورفع الحصار عن غزة، إلى دعم أهل غزة والضفة بالمال، إلى إرسال الدواء والغذاء، والاسمنت والمواد الأساسية، إلى دعم الاقتصاد في فلسطين، إلى مطالبات بدفع الرواتب، إلى طلب التحرك لنصرة القدس، ومنع تهويدها، وهدم بيوتها وترحيل سكانها.
 
هنالك فرق كبير بين نداء الاستنصار وبين نداء الاستغاثة الحكومي، فالاستنصار هو دعوة لقادة الجيوش الذين يملكون القوة، لا لوزراء الأوقاف الذين لا حول لهم ولا قوة، والاستنصار دعوة للتحرك العسكري من أجل إنهاء هذا الكيان المسخ للأبد، لا للتحرك الإغاثي أو القانوني في المحافل الدولية. ولذلك لا ينكر على أهل فلسطين أن يطلبوا من بقية إخوانهم من المسلمين العون والنجدة وهم الأسرى تحت احتلال يهود، بل هو حق لهم، وتلبيته من قبل الأمة واجب عليها.
 
ولكن الذي ينكر هو المكابرة من قبل "الفصائل الفلسطينية" و"الحكومات الفلسطينية" و"السلطات الفلسطينية " هو تضليلهم وعدم إقرارهم بالعجز عن العمل للقضية دون الأمة، مع أن العجز هو ابرز ما في واقعهم، وعدم إعادة قضية ارض الإسراء لتكون قضية أمة لتحرر أرضها بجهاد الجيوش.
 
والذي ينكر هو أن يتم طلب الاستغاثة لإدخال الاسمنت ولوقف هدم بيت في سلوان وللتحرك في المحافل الدولية، ولكن عندما يأتي الأمر لطلب العمل الحقيقي الموصل لتحرير فلسطين ومناشدة الجيوش بالتحرك يأتي البعض من أهل العجز ليقول لا نريد جيوشكم ونحن لها، في تضليل صارخ للأمة.
 
ثم الذي ينكر هو أن تتم المطالبات والاستغاثات من أنظمة تشارك في الجريمة وفي الحصار وفي المؤامرات، وهي التي تسمى "الأنظمة الشقيقة"، فضلاً عن الاستغاثة بالأعداء من أمريكا وأوروبا ومجلس الأمن.
 
 والذي ينكر أيضا أن يقر البعض أن قضية فلسطين هي قضية إسلامية ولكنه يختزل إسلاميتها لتكون بإرسال بعض المعونات من قبل بلدان إسلامية.
 
بل وإن من أكثر ما ينكر في هذا السياق أن يتم اختزال الأعمال السياسية كلها في تلك الجوانب الإغاثية وأن تصبح هي معيار التقدم بالمشروع السياسي للأمة، حتى صار السؤال الرئيس أمام كل جهة سياسية ماذا فعلتم في سياق ذلك العمل الفصائلي ؟ بعدما تم تضليل الأمة ببعض الفقاعات الإعلامية، وصرفها عن الأعمال الجادة التي تؤدي إلى تحرير فلسطين وكل بلاد المسلمين وإقامة الخلافة.
 
3-7-2010م