حذر صائب عريقات في ندوة في نيويورك الليلة الماضية نظمها "معهد السلام الدولي" بحضور العشرات من مندوبي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وأكاديميين وصحافيين من أن "إسرائيل" ستجد نفسها في "حالة صعبة" إذا لم يتم التوصل حتى نهاية العام الحالي إلى حل الدولتين، مضيفا أن السلطة الفلسطينية قد تنحل في مثل هذه الحالة نظرا لأنها أقيمت بهدف بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وليس بهدف الاحتفاظ "بإسرائيل" كقوة حاكمة إلى الأبد، على حد تعبيره.
 
بين فترة وأخرى يخرج علينا أحد رجالات السلطة بالتهديد والوعيد لكيان يهود بحل السلطة، وهو ما يعتبر بحد ذاته اعترافا ضمنيا إن لم يكن صريحاً بأن وجود السلطة هو خدمة "جليلة" لكيان يهود ومصلحة عليا لهم، وإلا لما كان للتهديد بحلها من معنى، وها هو عريقات اليوم يقر ضمنياً أن السلطة احتفظت "بإسرائيل" كقوة حاكمة وحافظت عليها ولكنه لا يريد ذلك إلى الأبد!!
 
أما دعاوى بناء الدولة الفلسطينية "العتيدة" وبناء مؤسساتها التي ملأت السلطة بها الدنيا ضجيجاً فليست سوى غطاءً تخبأ السلطة خلفه وجهها القبيح وأهدافها سيئة الصيت والسمعة، فكيف يمكن أن تكون السلطة التي حافظت على كيان يهود هي لبنة في بناء دولة فلسطينية "مستقلة" أو قابلة للحياة كما يسمونها وهي جزء من أمن يهود ولبنة في كيانه؟! إلا إذا كانت الدولة "العتيدة" ليست سوى صورة مكبرة للسلطة بنفس المهام والوظائف.
 
تأتي تصريحات عريقات ورجالات السلطة في هذا السياق لمحاولة التأثير على صانعي القرار في أمريكا بعد تخوف السلطة والأنظمة العربية المجاورة من أن حل الدولتين بات مشروعاً قابلاً للانهيار، وأن رأياً يتشكل خلف الأطلسي يرى مشروع الدولتين تاريخاً أكل عليه الدهر وشرب.
 
فهل تبقى السلطة والحكام يلهثون خلف المشاريع الأمريكية ويخدمون يهود إلى أن يرمي بهم هؤلاء إلى قارعة الطريق فلا ينالوا سوى خزي الدنيا وعذاب الآخرة؟!
 
إن أهل فلسطين قد تجاوزوا السلطة والحكام بأميال بعيدة وباتوا يتطلعون لقائد لا يهدد يهود بقلع كيانهم واستئصال شأفتهم بل يباشر ذلك فوراً ولا يكون من كلامه سوى أن الجواب على احتلالكم فلسطين ما ترون لا ما تسمعون وقد أعذر من أنذر.
وإن تحقق ذلك بات قريباً بإذن الله وإن غداً لناظره قريب.
 
26-6-2010