صرح كل من رئيس تركيا عبد الله غول وكذلك الرئيس الروسي مدفيدف عقب محادثاتهما الجارية يوم أول أمس في تركيا، بعدم 'استبعاد احد' من المفاوضات في الشرق الأوسط وتسميتهما حركة 'حماس' بالاسم كما نقلت صحيفة القدس العربي يوم أمس، كما والتقى قبل ذلك خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس بالرئيس الروسي في دمشق حيث صرح أحد قادة حماس بأن القمة تؤكد أن "حماس" مؤثر أساسي في معادلة الصراع بالمنطقة كما نقل المركز الفلسطيني للإعلام.
********
هذه هي حقيقة مواقف الأنظمة سواء المعتدلة، ومنها النظام التركي، أو تلك المتمنعة كما هو حال النظام في سوريا من النظرة إلى الحركات الفلسطينية ومنها الإسلامية، بأن هذه الحركات لا يمكن استثنائها من عملية السلام والتي بمقتضاها يحاولون قدر الإمكان جر الحركات الإسلامية إلى طريق المشاريع الغربية، وكأن إشراك مثل هذه الحركات إنما هو نصر كبير لها واعتراف بدورها!؟، والذي يراد منه أن يكون في طريق الاعتراف بكيان يهود والتجاوب مع قرارات الأمم المتحدة والتي كلها تقر بكيان يهود.
فالنظام في سوريا يهرول نحو المفاوضات مع كيان يهود، من خلال الوساطة التركية، وهو يعمل على جر الحركات الفلسطينية إلى السير على خطاه في سبيل تحقيق مزاعم السلام، بينما النظام في تركيا الذي يتمسح بالإسلام كذبا وزورا إنما يعمل على إعادة إطلاق المفاوضات وجر الحركات في فلسطين إلى السير معه، فهو كما أفرغ بعض الشعارات الإسلامية التي يتمسح بها من مضمونها، يريد لأهل فلسطين أن يفرغوا حركاتهم من أحكام الإسلام من خلال السير في مشاريع المفاوضات التي تحقق السلام العادل كما يصف رئيس وزرائه أردوغان، فيكونون في ذلك سواء.
وليس بعيدا عن هذه اللقاءات ما أشار إليه الرئيسان التركي والسوري قبل أيام فقد صرح بشار الأسد أن بلاده لا تزال متمسكة بالوساطة التركية، بينما رد عليه الرئيس التركي غول بأنه لا يريد سماع كلمة الحرب، وذلك كما غطت وسائل الإعلام ما جرى خلال لقاءات بشار وغول في تركيا ومنها صحيفة الشرق الأوسط ، فكلمة الحرب والقتال ليهود لا مكان لها في قاموس هؤلاء الحكام العملاء.
فهلا أدرك أبناء الحركات الإسلامية إلى ما يجرون إليه، تارة تحت شعار الاعتدال كما النظام التركي، وتارة تحت شعار المقاومة والتمنع كما يفعل النظام في سوريا.
وهلا وعى قادة الحركات الإسلامية على خطورة الالتقاء بقادة الدول التي أجرمت في حق المسلمين، كما هي روسيا التي تحتل الشيشان وغيرها وأعملت في أهلها قتلا وتشريدا واغتصابا لأعراض المسلمات هناك، فحال مثل هذا الكيان لا يبعد كثيرا عن حال أميركا التي تحاصر أهل غزة وتمد المحتل بأسباب البقاء، فكلا الدوليتين واقعهما أنهما محاربتان فعلا للمسلمين.
 لقد حدد الإسلام المصلحة بأنها هي المصلحة الشرعية التي يحددها الشرع، وليست المصلحة هي المصلحة التي يحددها العقل ولا هي مصلحة الحركة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قد عرض عليه الملك في مكة، مقابل أن يتخلى عن جزء من مبدأه وهو ترك الكفاح السياسي لقادة قريش والصراع الفكري لمعتقدات الكفر، فرفض ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن أظهره الله، وبالتالي فلا عذر للحركات الإسلامية أن تبرر سيرها في المشاريع الغربية بحجة أن هذا اعتراف بدورها في الشرق الأوسط!.
فتصوير التفاهمات مع الكيانات المحاربة للمسلمين على أنه نصر للحركات الإسلامية يؤذن بالاعتراف بدورها، إنما هو في حقيقته انتحار سياسي، فكل هذه الدول لا تختلف نظرتها إلى كيان يهود بأنه كيان يجب أن يبقى، بل وأن يظل كيانا قويا في المنطقة كقاعدة متقدمة لمنع وحدة الأمة و لمواجهة الخلافة القادمة.
عدا أن بعض الدول تحاول البحث بين أقدام الدول الكبرى عن دور لها من خلال أبناء المسلمين، فالحذر الحذر من مثل هكذا تفاهمات لا يمكن إلا أن تجر الحركات الإسلامية إلى مستنقع التبعية لمشاريع الدول التي تحمي كيان يهود.
(وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ)
 
13/5/2010