لقد وصلت السلطة من المهانة والذلة والتبعية إلى درجة تحتفل فيها بعيد أعداء الأمة الإسلامية، فقد احتفلت السلطة أمس من خلال وزير خارجيتها بالعيد الستين لإنشاء الاتحاد الأوروبي والمسمى 'يوم أوروبا'، وكان ذلك في سرية رام الله التي برز نجمها في الآونة الأخيرة في احتضان النشاطات والفعاليات التي تسيء إلى المسلمين في فلسطين وتهدف إلى النيل من عفتهم ودينهم، والتي غالباً ما تكون برعاية علنية من الدول الاستعمارية والسلطة المفرطة، كتنظيمها لمهرجان الرقص المعاصر مؤخراً.
ولما حاول المالكي، وزير خارجية السلطة، أن يشرح للحضور سبب احتفالهم بالعيد الستين لإنشاء الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنّه كان أول المشاركين في الاحتفال، برر ذلك بالقول:"جئنا اليوم لنحتفل بيوم أوروبا، لأن الاتحاد الأوروبي من أكبر المانحين ومن أكبر شركاء السلطة الوطنية الداعمين في المجالين السياسي والمادي". وليدلل على "الدعم العظيم!" الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي أوضح قائلاً: "أنا سعيد بما شاهدته في المعرض من منتجات فلسطينية جرى تطويرها بالتعاون مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وبالتعرف على المؤسسات الأوروبية العاملة في الأرض الفلسطينية".!
يا لسخرية الموقف، المنتجات التي اعتبرها المالكي إنجازاً عظيماً هي على شاكلة ما ورد في الخبر:"عرض شبان من جمعية المركز الفلسطيني في طوباس بعض منتجاتهم الزراعية من الأجبان والألبان التي قاموا بصناعتها في الجمعية والتي جرى تطويرها بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ".!
وأما المشاريع الحقيقية التي يدعمها الاتحاد الأوربي فهي ما جاء على لسان كرستيان بيرغير ممثل الاتحاد الأوروبي لدى السلطة الوطنية "تسهم في المشاركة في مشروع بناء الدولة الفلسطينية المستقلة والديمقراطية، التي يعمل الاتحاد الأوروبي من أجل مساعدة الفلسطينيين على بنائها".
نعم هذا هو هدف الاتحاد الأوربي وغيره من الدول الاستعمارية، تقوية مؤسسات السلطة، وطبعاً المؤسسات المقصود ليست مؤسسات الصحة أو التعليم أو حتى المؤسسات الخدماتية الأخرى، فهذه لا مكان لها في برامجهم الداعمة، وحال السلطة في تردي مستوى التعليم يشهد عليه كل الأساتذة العاملين في قطاع التعليم الذين باتوا يرون الأمية تتفشى بين طلاب المدارس، حتى بات المعلمون يعتصرون ألماً على ما أصاب طلابهم وأولادهم من جراء مناهج السلطة وإهمالها اللامتناهي، وكذلك حال الخدمات الطبية والمستشفيات يشهد عليه كل من أصيب بوعكة طفيفة فاضطر إلى زيارة المستشفى أو عيادات السلطة المهترئة والفاقدة لأدنى متطلبات التطبيب السليم، وكذلك باقي المؤسسات والوزارات الخدماتية والتي يستطيع المرء التحدث عنها بلا حرج، فهذه ليست هي المؤسسات المقصودة بالحديث بل المقصودة هي تلك المؤسسات التي تتمكن السلطة من خلالها من قمع وترويض الشعب الفلسطيني للقبول بالحلول التصفوية، وللانسلاخ عن القيم والمفاهيم الإسلامية للارتماء في أحضان الغرب وديمقراطيته ومؤسساته العفنة.
فصدق الله العظيم الذي قال ولم يزل قائلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}الأنفال36.
 
كان الأجدر بالسلطة ورجالها وهم يرون جيوش الاتحاد الأوربي تمعن في قتل المسلمين في أفغانستان والعراق ودارفور والصومال ومن قبل في كوسوفا وألبانيا، أن يخجلوا من ذكر تحالفهم مع الاتحاد الأوربي لا أن يحتفلوا بعيده.
ولكن أنى للسلطة التي اختارت لنفسها طريق التنازلات والتفريط والتخريب أن يكون عندها ذرة من إحساس وكرامة! أو ولاء للأمة الإسلامية وقضاياها وعلى رأسها قضية فلسطين.
12-5-2010