حذرت الولايات المتحدة الأمريكية طرفي المفاوضات الفلسطيني و"الإسرائيلي" اليوم الأحد من أي محاولة للمس بأجواء الثقة في المفاوضات بين الجانبين، ومن أنه إذا تصرف أي طرف بصورة تقوض جهود السلام فسيتحمل المسؤولية عن ذلك.
وقال فيليب كرولي مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية في بيان ان المبعوث الأمريكي الخاص جورج ميتشل سيعود للشرق الأوسط الأسبوع المقبل لمحاولة تعزيز محادثات السلام غير المباشرة ودعا الجانبين إلى المضي قدما في جهود السلام.
وأضاف كرولي "كما يعلم الطرفان إذا أقدم أي منهما على خطوات كبيرة خلال المحادثات غير المباشرة نراها تقوض الثقة على نحو خطير فسنرد بتحميله المسؤولية ونضمن أن تستمر المفاوضات.
وللتعليق على هذا الخبر نتناوله من خمس زوايا:
أولاً: إن توجيه التحذير لطرفي المفاوضات على حد سواء فيه تضليل وخداع، فالطرف الفلسطيني كان ولا زال طوع البنان الأمريكية أو الأوروبية ولم يكن يوماً من الأيام عقبة أو عثرة في سبيل تحقيق المخططات الاستعمارية الغربية، ولا غرو في ذلك فهو قد أنشئ لهذه الوظيفة ورعته الدول الغربية ودعمته عبر أتباعها في العالم العربي والإسلامي لهذا الغرض، وإذا وقع منه عرقلة أو تعثراً فذلك بناء على توجيهات القوى الغربية بحسب التعليمات الصادرة له، وأمريكا تعلم أن الطرف المعيق لحلولها دائما هو ربيبتها "إسرائيل".
ثانياً: إن هذا التحذير الصادر عن الإدارة الأمريكية لا قيمة حقيقة له في أرض الواقع فهو يرتب على خرق أجواء الثقة بعقوبة "تحمل مسؤولية فشل المفاوضات"، فأي عقوبة رادعة هذه؟!! وهل عساها أن تزجر الحكومة "الإسرائيلية" التي تحاول استغلال ضعف الإدارة الأمريكية للتنصل من أي التزام يلزمها بتقديم شيء من النقير.
ثالثاً: تحذير الإدارة الأمريكية للطرفين كان عائماً غير محدد برسم، فتارة يكون المس بأجواء الثقة موجباً للتحذير وتارة يكون مقصود التحذير القيام بخطوات "كبيرة" تقوض الثقة، مما يعطي كيان يهود هامشاً للمراوغة وتنفيذ بعض المشاريع التي لا تعد خطوات "كبيرة" تقوض أسس عملية التفاوض.
رابعاً: إن الإدارة الأمريكية لم تفش طبيعة التعهدات التي التزم بها كيان يهود وأبقتها سراً، لذا فليس من الممكن الحكم على تصرفات الحكومة "الإسرائيلية" بأنها خرق للتعهدات أم التزام بها.
خامساً: إن مس أو تقويض أسس الثقة حدث من اللحظة الأولى من إعلان المفاوضات غير المباشرة وذلك عبر نفي نتنياهو تعهده بوقف الإستيطان وعبر مباشرة حكومته بإقامة 14 وحدة استيطانية جديدة في مبنى قديم بحيّ رأس العمود في القدس.
 
إن لعبة المفاوضات مباشرة أو غير مباشرة هي لعبة يتقنها يهود، ويتقنون فيها المراوغة والتضليل وأخذ التنازلات من الطرف الآخر دون أن يقدموا نقيرا، ولقد شهد أهل فلسطين 18 عاماً من المفاوضات لم يفلح فيها من يسمون "بقادة السلطة" أن يحرزوا شيئاً يذكر، ولمّا طبل هؤلاء وزمّروا بتحقيقهم لمشروع السلطة وعدّوه إنجازاً وطنياً تبين لاحقاً للقاصي والداني أنه كان مصلحة يهودية صرفة وأن يهود لم يقبلوا بهذه السلطة ولم يمدوها بالمال والسلاح سوى لتحقق لهم أمنهم.
إن فلسطين ما كانت على هذه الدرجة من الأهمية لولا الإسلام وفتوحات الراشدين، ولن تعود يوماً سوى باقتفاء أثرهم، وساعتئذ تعود إلى حضن ديار الإسلام بل تاجاً لها وعروساً لبلاد الشام. فما على الأمة إن هي أرادت تحرير فلسطين بحق سوى أن تغذي الخطى نحو الخلافة التي ستحقق ذلك وأكثر.
10-5-2010