في حديث له لصحيفة الشرق الأوسط اعتبر محمود عباس أن المبادرة العربية هي أهم سلاح بيد العرب، وقال عباس "البعض يقول إن إسرائيل لا تريد المبادرة العربية وهذا صحيح لكن العرب لم يفعلوا شيئاً لترويجها لا عالمياً ولا محلياً. أنا شخصياً طلبت من صحف عربية أن تنشر المبادرة لكنها رفضت لأنها تحمل علم إسرائيل....تصور هذه العقلية، إذن رسميا رفضوا ترويجها وكذا إعلاميا ...ويلقون بعبء الرفض على إسرائيل وحدها".
*****
ما عادت السلطة ولا رئيسها يخجلون من لعب دور العرّاب لكيان يهود وسيدتهم أمريكا، وبالرغم من حرص الإدارة الأمريكية على صبغ المساعي السلطوية بصبغة عربية عبر قرارات لجنة متابعة المبادرة العربية إلا أن دور البطولة في هذا المشهد المخزي يبقى حصرياً للسلطة وأزلامها.
فالمبادرة العربية التي يتباكى عباس على أطلالها ويلوم بعض الصحف على عدم نشرها ويستهجن ويستخف بعقلية من يرفض نشر علم "إسرائيل" على صفحاته، هي –كما يعلم الجميع- مبادرة أمريكية صاغها الأمريكي فريدمان وقدمها للملك عبد الله الذي تبناها دون تغيير حرف أو كلمة، وما إلباسها الثياب العربية سوى تضليل وتزييف لمحاولة تمريرها ولتلقى قبولاً لدى الشعوب. فعباس وسلطته الذين يتفانون فيما يسمونه بالمفاوضات لا هم لهم سوى تنفيذ الأجندات الأمريكية، كما أن حل الدولتين هو مشروع أمريكي النشأة والرعاية حتى أصبح يسمى برؤى الرؤساء الأمريكيين (رؤية بوش، رؤية أوباما)، وكل دعاوى الحرص على المصلحة الوطنية وتحقيق "الحلم!" الفلسطيني ليست سوى دعاوى كاذبة وشعارات برّاقة خداعة.
إن المبادرة العربية التي يروّج لها رئيس السلطة ويعيب على بعض وسائل الإعلام والحكام تقصيرهم في نشرها والترويج لها كما يعيب على يهود رفضها، هي وصمة عار في جبين السلطة ورئيسها والحكام العرب، فالمبادرة الجريمة هذه تنص على التخلي عن جل فلسطين والتفريط بأرضها الإسلامية الخراجية التي رواها الصحابة الأطهار بدمائهم ليهود ليصبح كيانهم أمام العالم ووفق رؤيته كياناً مشروعاً، كما أن المبادرة الجريمة هذه تروج للتطبيع الكامل لا بين العرب فحسب بل بين البلدان الإسلامية قاطبة وكيان يهود لقاء سماح يهود للفلسطينيين بإقامة دويلة مختزلة على بعض البعض مما تبقى من فلسطين.
إن المفاوضات والمبادرات واللقاءات والسياسات التي تنتهجها السلطة والحكام العرب هي على وجه التحقيق سياسات غربية استعمارية ولا يمثل هؤلاء الحكام سوى مجرد دمى تُحرك حيث شاء ساكنو البيت الأبيض أو عشرة داون ستريت، وحقيقة المفاوضات غير المباشرة الحاصلة الآن هي مفاوضات مباشرة بين أمريكا ويهود، فالحكام والسلطة بتبعيتهم وسيرهم في المخططات الاستعمارية قد جعلوا شأن فلسطين شاناً أمريكياً يهودياً لا شأناً فلسطينيا أو عربياً كما يزعمون، وحقيقة الدولة التي تسعى أمريكا لإقامتها في فلسطين والتي تسمى بدولة فلسطينية لا تعدو أن تكون سفارة أمريكية، و"جيشها!" لن يكون سوى مجرد وكالة أمنية لها وليهود.
لقد آن الأوان لأهل فلسطين وللمسلمين جميعاً أن يعلنوا البراءة القاطعة من السلطة و كل الحكام العرب ومن مؤامراتهم، لقد آن الأوان للمسلمين أن يعجلوا بالعمل لإقامة الخلافة التي ستحرك جحافل جيش المسلمين بقضه وقضيضه ليطهر الأرض المباركة ويقطع دابر الظالمين.
6-5-2010