قال الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أثناء مراقبته لسير عملية الاقتراع للانتخابات يوم الأحد أن انهيار الانتخابات السودانية وانهيار اتفاق السلام مرتبط بها يمكن أن يشعل حربا دينية على المستويين الوطني والإقليمي.
لم تكن تصريحات كارتر هي الأولى من نوعها وإن كانت تتصل بالسودان، فقد سبقه في ذلك رئيس السلطة محمود عباس في تحذيره لأمريكا ودول الإتحاد الأوروبي من أن تصرفات يهود يمكن أن تقود المنطقة برمتها نحو شفير حرب دينية جديدة.
فما سر تخوف الغرب والحكام من الحرب الدينية في فلسطين أم في السودان أم في غيرهما؟! وهل هناك ارتباط بين قضايا المسلمين في كل من السودان وفلسطين والعراق وأفغانستان؟ أم هي قضايا منعزلة لا رابط بينها؟!
إن الصراع القائم في بلاد المسلمين على تنوع قضاياهم واختلافها مرده إلى أصل هذا الصراع وهو الصراع العقائدي الذي إن انجلى فلن يصمد الغرب بأسره ولا حضارته المتآكلة أمام فكر الإسلام الحق الذي يبدد ظلمة المبادئ الأخرى.
إن القوى الغربية الاستعمارية تنظر لقضايا المسلمين باعتبارها قضية واحدة فهي من مزقت الأمة وهي من اختلقت لها تلك القضايا لكي تشغلها عن قضيتها الأم والمصيرية المتمثلة بعودة الإسلام لسدة الحكم ولصياغة الحياة والكون من جديد عبر الخلافة الراشدة.
إن القوى الغربية الاستعمارية تدرك ما لا يدركه المضبوعون بالثقافة الغربية من أبناء المسلمين، وتدرك ما يسعى العملاء لإغفاله من وحدة هذه الأمة ووحدة قضاياها، فهم يدركون أن شأن السودان يمس المسلمين في أندونيسيا وشأن فلسطين يتحرك له المسلمون في شتى أصقاع المعمورة. وهم يدركون كذلك أن الحياة عندما تدب في الأمة تدب فيها مرة واحدة لذا تراهم يسعون لتكريس الهيمنة الغربية الاستعمارية على كافة بلاد المسلمين ويرفضون أي تحرك حقيقي يسعى للتغيير أو ينبه الأمة لضرورته حتى لو كان هذا التحرك ممن يرزحون تحت الاحتلال، ولعل هذا يفسر سياسة أمريكا تجاه نشاطات الحزب في فلسطين عبر تسخيرهم للسلطة لتبطش بشباب الحزب وتسعى جاهدة لكتم أو طمس أصواتهم خشية أن يرتد صداها في بلاد المسلمين أو تلامس نداءاتهم أسماع رجل رشيد أو أهل قوة ومنعة تتحرك فيهم نخوة الإسلام.
إن الحرب الدينية التي يخشاها كارتر وعباس وباتريوس هي حرب المسلمين كأمة لا حرباً مصطنعة تخاض تحت غطاء الإسلام، لذا تراهم يتخوفون منها تخوفاً حقيقياً لأنها ستحرك الأمة كأمة.
أيها المسلمون: هل يعقل أن يدرك الغرب بقادته وزعمائه وحتى أتباعهم من الحكام حجم تحرككم كأمة فترتعد له فرائصهم ويؤرق ذلك فكرهم وأنتم أحق به وأهله تغفلون عن هذه الحقيقة الكبرى؟!! هل يعقل أن تتخذ الدول الكبرى كافة الاحتياطات وتدرس كافة الاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة في حال قيام الخلافة وأنتم عنها منشغلون؟! أو في قضايا فرعية جانبية لاهون؟!
إنها رسالة لمن ألقى السمع وهو شهيد وذكرى لكل عاقل ومتدبر ونداء مكرر لكل صاحب قوة أو سلطان أن يتحرك عاجلاً قبل فوات الأوان فيسعى لإقامة الخلافة أو ينصر العاملين لها ويعجل من بزوغ فجر الخلافة المرتقب.
(وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)
12/4/2010