اعتبر رئيس الوزراء سلام فياض أن الإعلان الأوروبي الذي صدر في ديسمبر العام الماضي، وبيان اللجنة الرباعية في موسكو، يشكلان قاعدة هامة للتحرك باتجاه إطلاق عملية سياسية جادة وذات مصداقية وقادرة على إنهاء الاحتلال، وما يستدعيه ذلك من خطوات عملية ملموسة تُلزم إسرائيل بوقف انتهاكاتها للقانون الدولي، وخاصة الوقف الشامل والتام للأنشطة الاستيطانية بما في ذلك في مدينة القدس.
****
لقد قام الكيان الغاصب في الأرض المباركة بقرار دولي وبتمويل أمريكي ورعاية أوروبية ليكون قاعدة متقدمة للغرب الكافر في قلب العالم الإسلامي، وقد صدرت القرارات الدولية على أساس تثبيت هذا الكيان وحمايته، وقد عملت اللجنة الرباعية للحصول على الاعتراف بكيان يهود من أهل المنطقة،، وإضفاء الشرعية عليه ومحاولة دمجه في المحيط الجغرافي، وجاءت شروط الرباعية في التفاوض وقبول الأطراف على مائدة المفاوضات صريحة بضرورة الاعتراف بكيان يهود ونبذ (الإرهاب) الذي يقصد به جهاد المحتلين .
ولم تغب هذه الحقائق عن السلطة ورجالاتها، فالأرض المحتلة في قاموسهم السياسي هي الأماكن التي تغلق ببوابات حديدية وتكتظ بالسكان في جزء من الضفة الغربية، وإنهاء الاحتلال لا يعني لهم سوى خروج بعض دوريات يهود من محيط المقاطعة في رام الله أو مركز المدينة في نابلس أو الخليل أثناء زيارة الرئيس، أو إبقاء الحاجز العسكري مفتوحا لبعض الوقت لتتمكن حافلات الأجهزة الأمنية من التنقل على الشوارع الالتفافية، ودخول مناطق غير مسموح لهم بدخولها، للاعتقال والتنكيل خدمة لأمن يهود .
أما الطريق إلى ذلك فليس في جعبتهم غير خرائط ترسمها الرباعية والولايات المتحدة الأمريكية، وعلى ذلك لم يبق للسلطة أي دور سوى الدور الأمني الخادم لكيان يهود، فهي لا ترسم سياسة ولا تنهي (احتلالا) حتى بالمفهوم الدولي الذي تتبناه السلطة.
إن مفاهيم السلطة عن إنهاء الاحتلال وعن الأرض المحتلة مع كونها متناهية في الذلة والخنوع والتبعية، ومفصلة على مقاس الرؤية الأمريكية لحل الدولتين، إلا أن اليهود لن يقدموا للسلطة شيئا ذا أهمية يذكر، فالاستيطان مستمر والكنس تبنى واليهود سادرون في غيهم لا يردعهم رادع، أما السلطة فقد تنازلت عن كل شئ ولم يعد هنالك ما تتنازل عنه، ولا مبرر لوجودها سوى خدمة يهود ومصالحهم، وانتظار الولايات المتحدة حتى تضغط على يهود وتقنعهم بأن دايتون يضمن لهم رجال السلطة ويصنع منهم جيشا أكثر نفعا من جيش لحد البائد
(يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً)
إن السلطة ورجالاتها قد بلغوا من الصغار والذل مبلغا لا يرون فيه عظم وقيمة هذه الأرض المباركة، ومكانتها في قلوب المسلمين وعقولهم فظنوا أن أهل فلسطين قد نسوا حيفا ويافا وعكا وصفد والرملة و مرج بني عامر وسهول حطين، أو أن الأمة الإسلامية قد تترك مسرى نبيها عليه أفضل الصلاة والتسليم في قبضة يهود .
إن الأوضاع التي تعيشها الأمة الإسلامية الآن تطابق في الشبه الأوضاع التي سبقت ظهور نجم صلاح الدين محررا وقائدا، وإن العالم بات ينتظر خبرا عاجلا تعلن فيه دولة الخلافة التي ستقتلع كيان يهود من جذوره وتنهي هذه الحقبة المريرة والمخجلة من تاريخ أمة تدرك أن إنهاء الاحتلال لا يكون بالتعلق بحبال الشيطان.
9/4/2010