قام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بزيارة الضفة الغربية بتاريخ 20/3/2010 حيث التقى خلالها رئيس وزراء سلطة رام الله، والذي اصطحبه بدوره في زيارة ميدانية حول المستوطنات، وأتبع بان هذه الزيارة بزيارة لقطاع غزة حيث خرج أو أخرج لاستقباله العشرات من متضرري العدوان الأخير على غزة.
*****
تأتي زيارة الأمين العام للأمم المتحدة عقب التئام اللجنة الرباعية في موسكو، وعقب ما تمخض عنها من مقررات تكافئ فيها يهود على عدوانهم وبطشهم المتواصل بأهل فلسطين واعتداءاتهم المتكررة على مقدساتهم، وذلك عبر مطالبتها باستئناف المفاوضات بغير شروط مسبقة، كما تأتي هذه الزيارة في الوقت الذي يستمر فيه يهود بالضرب بكل القرارات الدولية ومقررات اللجنة الرباعية -التي تغلّب دوما مصلحة يهود- عرض الحائط.
إن دور الأمم المتحدة في قضية فلسطين لا يعدو أن يكون مجرد غطاء دولي وأداة بيد القوى الاستعمارية الكبرى تشرع بها إجرام كيان يهود وتعاليه وغطرسته حتى على قرارات هذه المنظمة والتي جعلت من هذا الكيان كيانا مشروعا.
وتاريخ تعامل كيان يهود مع القرارات الدولية وتغاضي الأمم المتحدة عن ذلك يعطي صورة واضحة المعالم عن طبيعة العلاقة التي تربطهما سوية، فكم ضرب كيان يهود بقرارات الأمم المتحدة عرض الحائط؟! وكم تغاضت الأمم المتحدة ومؤسساتها عن جرائم كيان يهود وليس آخرها ما أقرته هذه المنظمة حول تقرير غولدستون؟! وكم تغاضت هذه المنظمة عن اعتداءات كيان يهود وأسلحته المحرمة دوليا؟! بل وامتلاكه للأسلحة النووية؟!
بل إن كيان يهود قد صفع الأمم المتحدة وبان كي مون عندما قصفت طائراته مقرات ومخازن للأمم المتحدة إبان زيارة بان لغزة فترة العدوان الأخير عليها، بل إن بان والأمم المتحدة المؤتمرين بأوامر الدول الاستعمارية الكبرى قد قبلا عشرة ملايين دولار من كيان يهود كتعويض على قصف طائراته لهذه المقرات، وذلك يحمل في طياته سكوت ضمني وعدم تجريم كيان يهود إزاء فعلته تلك، بل إن الأمم المتحدة قد شرعت الباب بهذا التصرف أمام كيان يهود ليصبح التعويض مخرجاً له من كل جريمة تطوق عنقه بأغلال الاحتجاج والاستنكار الدولي.
إن زيارة بان إلى سلطة رام الله، والتي تتشدق بتمسكها بالقرارات الدولية التي أكل عليها الدهر وشرب دون أن تحقق لها أية نتيجة تذكر، هي تكريس للأمر الواقع وترويج لمقررات الرباعية، وما تأييد بان لمساعي فياض لإقامة دويلة فلسطينية عبر بناء المؤسسات البلدية سوى دليل على ذلك.
 أما زيارته إلى غزة فإنها إضافة إلى ما ذكر، قد قزّمت قضية فلسطين في صورة إمدادات غذائية أو معونات تستجدى من هنا أوهناك، وكأن أهل فلسطين ومنهم أهل غزة ضحايا زلزال وليس احتلال! وها هم الذين دمرت منازلهم وقتل أبنائهم لا يزالون في معاناة لا تبصرها عينا هذا المتباكي على حالهم، وهو الذي يرسخ بزيارته تلك وبفعل سلطة غزة التي دفعت بالمتضررين لاستقباله، اختزال قضية فلسطين في كيس طحين أو بناء منزل!
إن الواجب على المسلمين في فلسطين أن لا يتعلقوا بقرارات منظمة متواطئة ولا بمشاريعها الجريمة، والواجب على المسلمين جميعا أن يمسكوا بزمام أمورهم لا أن يلقوا بها في أحضان أعدائهم، فيهبوا لإنقاذ أهل فلسطين بتحريرها كاملة وقطع كل يد مستعمر تمتد إليها عبر هذه المنظمة أو عبر غيرها من أدوات الاستعمار.
 {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (المنافقون:4).