فيما تدير أمريكا رحى معركة ناعمة بينها وبين يهود، فتطالبهم بمطالب فرضتها سياسة كيان يهود البارع في فرض الأمر الواقع وسياسة قصة "البقرة" المعروفة، كمثل مطالبتهم بإلغاء قرار بناء 1600 وحدة استيطانية أعلن عنها كيان يهود في زيارة بايدن الأخيرة، معتبرة أن هذا الإلغاء إن تم يعتبر إشارة إيجابية لاستئناف المفاوضات غير المباشرة وبداية عودة المياه إلى مجاريها بين أمريكا و"إسرائيل"، برغم أن أوباما قد اعتبر في مقابلة له مع قناة فوكس نيوز أن لا خلاف بين الدولتين، في هذا الوقت وفي ظل استمرار البطش والقمع "الإسرائيلي" بأهل الضفة وغزة بالقصف بالطائرات والقتل المتعمد، وفي ظل استمرار مسلسل الاعتداءات اليومية على مقدسات المسلمين، يخرج علينا رئيس السلطة ورئيس وزرائه بترحيب واسع بمقررات اللجنة الرباعية التي عقدت مؤخراً في موسكو.
إن مقررات اللجنة الرباعية التي انشرحت لها أسارير السلطة، لم تخرج عن كونها مكافأة لتعنت يهود ومحاولة أخرى لمساومتهم على ما يفرضون من وقائع مستجدة.
فقد دعت اللجنة الرباعية إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة بدون اشتراطات مسبوقة، ودعت إلى جعل ملف القدس خاضع للمفاوضات والمساومات النهائية، وأدانت على لسان بان كي مون حادثة إطلاق صاروخ من غزة، وطالبت بإطلاق سراح شاليط، ودعمت مساعي فياض لإقامة دويلة هزيلة عبر بناء مؤسسات بلدية، وأدانت على استحياء قرارات توسيع الاستيطان في الضفة الغربية.
إن السلطة التي غرقت في السير في مستنقعات المخططات الأمريكية والغربية بشكل عام، لا زالت تتلقى الصفعات تلو الصفعات، مرة من يهود وأخرى من أمريكا، لذا فهي تتعلق بأي قشة تطفو على السطح مهما كانت تلك القشة ملوثة أو تحمل في أطرافها خبثاً.
إن قضية فلسطين وفق الرؤية الأمريكية باتت ممثلة في مسألة إلغاء قرار بناء 1600 وحدة سكنية، وباتت المسألة مجرد مساومة يهود لاستعادة جزء من ماء الوجه الذي أراقه لهم كيان يهود، وإن تحذيرات بعض القادة الأمريكيين من كيان يهود ووصفهم بأنه أصبح عبئاً بعد أن كان لهم كنزاً، وتلويحهم بوضع الضفة وغزة تحت إشراف قوات أمريكية، لا تعدو مجرد محاولات ضغط ناعمة لثني يهود عن صلفهم واستكبارهم الذي تخشى منه أمريكا أن ينتج انهيار للحكومات التابعة لها في البلدان العربية، وإلا فالإدارة الأمريكية الحالية ينتابها حالة من الضعف الذي لم تشهد له الإدارات الأمريكية من قبل مثيلاً مما جرأ يهود على إهانة نائب الرئيس الأمريكي ورد تصريحات كلينتون ورفض نتنياهو إعطاء مجرد إجابات لأسئلة وطلبات لوزيرة الخارجية الأمريكية.
إن كيان يهود يدرك أنه قاعدة متقدمة لأمريكا والغرب بأسره، ويدرك أنه فرس رهان لهم في حال قيام دولة الخلافة المرتقبة، لذا فهو يدرك حجم الضغوطات الخجولة التي تمارسها أمريكا والغرب بحقه.
بيد أن حكام دول الضرار ورجالات السلطة التائهة يبقون يتعلقون بأماني أمريكا ويتاجرون بتصريحات زائفة أو مقررات ورقية، فيبيعون الأمة لقاء تصريح، ويضحون بمصالحها ومقدساتها لقاء التئام لجنة رباعية أو مؤتمر "سلام" مخادع أو هيئة أمم متآمرة.
 إن صراع المسلمين مع يهود بات يوماً بعد يوم يتبلور كصراع حضاري عقائدي، يقف المسلمون فيه في جانب وتقف الدول الغربية الاستعمارية وقاعدتهم المتقدمة (كيان يهود) في الطرف الآخر، ولا شك أن هذه الحقيقة هي التي تقض مضاجع أمريكا والإتحاد الأوروبي وأدواتهم من الحكام، وما ذلك إلا ليقينهم أن الغلبة في هذه المعركة ستكون حتماً للمسلمين لما يحملون من حق ومن رسالة خالدة.
 
21-3-2010