قررت محكمة العدل العليا في جلستها التي عقدت صباح اليوم 17-3-2010 في مقر المحكمة في مدينة البيرة، رد الدعوى شكلا والمتعلقة بست قضايا منظورة أمامها لمعلمين مفصولين من الخدمة، حيث أيد ثلاثة قضاة رد القضية في حين خالفه اثنان من القضاة.
 
وقد شهدت الجلسة التي عقدت بخمسة قضاة، أجواء ساخنة، قبل النطق بحكم رد القضية.
 
وأكثر ما يزيد من أهمية هذا القرار انه لا يتوقف عند حد المعلمين المفصولين فحسب، بل انه يمهد الطريق لفصل المزيد من الموظفين العموميين بسوط "السلامة الأمنية" حسب ما أكدته مصادر رسمية في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.
*****
لازالت السلطة تضرب أمثلة غير مسبوقة على صعيد أنظمة القمع والبطش والملاحقة في المنطقة بل وحتى على صعيد الاحتلال.
 
فالسلطة مارست التضييق في لقمة العيش ومحاربة الناس في أرزاقهم لمجرد انتماءاتهم السياسية أو توجهاتهم وآرائهم الفكرية، أو لمجرد مخالفتهم لتوجهاتها السياسية الممجوجة من قبل عموم أهل فلسطين والتي تتنافي مع قيم الإسلام وأحكامه وتتناغم مع مصالح القوى الغربية الاستعمارية.
 
فلم تكتف السلطة بملاحقة الناس في أرزاقهم وأقواتهم عبر الضرائب التي أثقلت كاهل الناس الذين يعانون من وضع اقتصادي متردي، وعبر الضابطة الجمركية التي باتت كقاطعي الطرق الذين يتربصون بفقراء الناس وتجارتهم المتواضعة، بل عمدت إلى قطع الرواتب عمن لا يقدم لها الولاء، وبحسب نقابة المعلمين فقد بلغ عدد المعلمين الذين قطعت السلطة رواتبهم لاعتبارات سياسية ألفي معلم، كما وحجبت كماً هائلاً من الوظائف عمن يستحقها بدعوى عدم حصوله على شهادة حسن سير وسلوك صادرة عن الأجهزة الأمنية، والتي تعتبر، وفق شواهد يلمسها أهل فلسطين وكل من تقدم للحصول على مثل هذه الشهادة، أن كل من ليس مع السلطة فهو ليس مواطناً صالحاً ولا يستحق هذه الشهادة وبالتالي لا يستحق أية وظيفة عمومية.
 
وها هي السلطة اليوم تستغل محكمة العدل العليا والتي يفترض أن يتوفر فيها على الأقل أدنى مستويات العدل والإنصاف، لكي تضفي الشرعية على تصرفاتها الغوغائية والتسلطية بل إنها وعبر هذا القرار تمهد لما سترتكبه من ملاحقات وظيفية لكل من لا يكن لها الولاء أو التأييد والمناصرة.
 
إن ذريعة ما يسمى بالسلامة الأمنية تريد منها السلطة أن تشتري ذمم الناس وأن تسخر أهل فلسطين قاطبة لخدمة أمن يهود الذي تسهر على توفيره أجهزة السلطة الأمنية بكل أسمائها ومسمياتها والتي باتت حرباً على أهل فلسطين سلماً لأعدائهم.
 
إن القائمين على السلطة والذين استقووا بالقوى الغربية الاستعمارية على أهل فلسطين، يرون في فلسطين ومصالحها العامة ووظائفها الحكومية غنيمة حرب يستأثر بها كل من رضي وتابع هؤلاء في غيهم وضلالهم، ناسين أو متناسين أن السلطة ورجالاتها هم من اغتصبوا هذه الوظائف بدعوى اتفاقيات باطلة وسلطة كاذبة.
 
تأتي هذه التصرفات اللامسؤولة في ظل ما تشهده فلسطين من علو واستكبار يهود وتهجيرهم لساكني القدس وتخريبهم للعامر فيها واعتداءاتهم المتكررة على مقدساتها، في دلالة واضحة لمدى التناغم الحاصل بين السلطة وكيان يهود والرامي إلى زرع اليأس والإحباط في قلوب الناس ومحاربتهم على كافة الصعد وحتى في لقمة عيشهم، ليتمكن هؤلاء من فرض الحلول السياسية الاستسلامية المهينة على أهل فلسطين.
 
إن على أهل فلسطين أن يدركوا أن حجم الضغوطات التي تمارس ضدهم منبعها سعي القوى الغربية الاستعمارية وأدواتهم من الأنظمة والحكام لفرض حلول سياسية تتنافى مع عقيدتهم وأحكام دينهم وعليهم أن يثبتوا على الحق في وجه الطغاة وأن لا ينحنوا أمام سعي هؤلاء فليثبتوا وليصبروا وليصابروا وليرابطوا وليتقوا الله فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسراً، وإن فلسطين لن يعمر فيها ظالم وسيأتي اليوم الذي تحرر فيه فلسطين وترفع فيها راية الحق ويحكمها أمير المؤمنين الذي سيحثو المال على الناس حثواً ولا يعده عداً.
 
17-3-2010