(وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ)
 
تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة النقاش الدائر حول الجدار الذي يشيده النظام المصري على أعتاب حدوده مع قطاع غزة المنكوب، ودخل هذا النقاش فصلاً جديداً بأخذه شكل الفتوى والفتوى المضادة ، فما الذي دفع النظام المصري إلى استصدار فتوى من مشيخة الأزهر بشرعية الجدار؟ وهل الفتاوى المضادة كانت فتاوى سياسية كذلك أم كانت مجرد فتاوى فقهية؟ وما هو الموقف المطلوب من قبل علماء الأمة تجاه قضاياها؟
 
إن الأنظمة الجاثمة على صدر الأمة الإسلامية هي أنظمة لا شرعية لها ابتداءً، فهي أنظمة تحكم المسلمين بغير ما أنزل الله، وهي أنظمة مغتصبة للحكم والسلطان، فهي من مخلفات الإستعمار الغربي لبلاد المسلمين، وهي تعتمد في وجودها إلى الآن على القوى لإستعمارية، فحكامها ليسوا من الأمة الإسلامية والأمة بريئة منهم ومن أفعالهم، فهم مجرد أتباع للمستعمر ولا يقيمون وزناً لحكم شرعي في أي شأن كان، لذا كان دفع هذه الأنظمة لاستصدار فتاوى بهذا الشأن يقف خلفها محاولة تضليل وخداع لحرف القضية عن مسارها وسياقها، وتقسيم الرأي العام لدى المسلمين في قضايا لا لبس فيها إلى فريقين مختصمين.
 
فبناء الجدار هو جزء من مخطط أمريكي وأداة تنفيذه النظام المصري التابع لأمريكا، فالجدار يبنى بإرادة أمريكية وبأيد مصرية، فهو جزء من مخطط غربي ومن يشارك فيه تابع ذليل، فهل هذا الواقع يحتاج لفتوى وفتوى مضادة؟! وهل كانت تصرفات النظام المصري في غير شأن الجدار شرعية يوماً ما؟!! وهل يقيم النظام المصري للإسلام وأحكامه وزناً؟!! أم هو رأس حربة في حرب الإسلام ودعاته؟!!
 
إن الفتوى التي كان الأجدر بمشيخة الأزهر وعلماء الأمة -لو كانوا يعقلون- أن ينبروا لها هي وجوب قلع الأنظمة التي تحكمنا بشرعة الطاغوت في كل جوانب حياتنا، وتجعل من الأمة الإسلامية خدماً ونهباً للغرب الكافر وتسوم المسلمين سوء العذاب، وأن يسعى المسلمون للإستبدال بهذه الأنظمة خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة لتقيم الدين وتنشر الهدى فيسعد لها وبها العالمين.
 
أيها المسلمون: ليس دينكم سلعة لكل مخادع ومضلل، وليس دينكم مطية يمتطيها كل فاسق عميل، فدينكم أبلج وحكمه فصل وليس بالهزل، ولقد قضى سبحانه أن مصير الظلمة والمتلاعبين بهذا الدين والسائرين خلفهم إلى نار وبوار، ومصير المؤمنين والعالمين العاملين المخلصين استخلاف وجنة، فاسعوا لإعزاز دينكم وكونوا من جنده وأنصاره تفلحوا.
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)
7-1-2010