في محاضرة له في رفح جنوب غزة قال وكيل وزارة الخارجية في حكومة حماس أحمد يوسف إن الحركة تنتهج سياسة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وليس نهج حركة طالبان.
وبحسب موقع أخبار العالم التركي فقد قال يوسف خلال ندوة سياسية نظمتها حماس في رفح جنوب قطاع غزة يوم الجمعة 1-1-2009 عن التجربة التركية "هناك علاقة قوية تربط تركيا بحركة حماس والحكومة الفلسطينية في غزة، والتي ظهرت جلياً إبان الحرب "الإسرائيلية" الأخيرة، حيث أظهرت تركيا تعاطفاً ملحوظاً مع القضية الفلسطينية". 
واعتبر يوسف أن حزب العدالة والتنمية نجح في "تدشين سلوكه المناور بين المتغير والثابت من خلال الاستيعاب المتبادل بين العلمانيين والإسلاميين". 
إن هذا التصريح يكشف عن مدى انخراط حركة حماس في اللعبة السياسية المخالفة للإسلام في بلدان العالم الإسلامي والتي تمسك بخيطوها القوى الغربية الاستعمارية، وكيف أصبحت الحركة ذات تطلع وتوجه سياسي لا يمت لشعار المقاومة الذي رفعته بصلة.
إن السير على نهج أردوغان لا يعني سوى السير في مخططات القوى الغربية الاستعمارية على اختلافها، فنهج أردوغان بيّن وواضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ولا ينطلي على سياسي أو متابع لتلك الفرقعات الإعلامية التي يمتطيها أردوغان وحزب العدالة والتنمية سعياً منه لحشد الشارع التركي خلفه، فأردوغان وحزب العدالة هما أداة النفوذ الأمريكي في تركيا، وقد احتفظا بعلاقة حميمة مع كيان يهود ولم تؤثر فيها الأدوار المسرحية التي لعبها أردوغان في دافوس وغيرها حيث أدرك يهود ضرورة هذه الفرقعات لتثبيت أركان حزب العدالة والتنمية أمام بقايا الاستعمار الإنجليزي القديم في تركيا والمتمثل في المؤسسة العسكرية، ولا أدل على هذه العلاقة الحميمة من اللقاء الثنائي الذي جمع كلاً من الرئيس التركي غول ورئيس كيان يهود بيرس في كوبنهاجن على هامش قمة المناخ، كما أبدى غول قبوله دعوة بيرس لزيارة كيان يهود قريباً، ويعد استمرار الإتفاقيات العسكرية بينهما علاقة ود متبادلة.
إن أردوغان قد أخذ على عاتقه السير في المشاريع الأمريكية في المنطقة بأسرها، فهو عرّاب مفاوضات الخيانة بين سوريا ويهود، وهو أحد أركان الوجود الأمريكي في العراق، كما أنه يطمع للعب دور خياني في مفاوضات الفلسطينين مع يهود.
فهل أردوغان بما يمثل من خط التبعية والسير في المخططات والمشاريع الغربية هو قدوة حركة حماس ومثالها الذي تتطلع لتحقيقه؟!! هل أردوغان الذي يتخذ من الدين مطية لتنفيذ مشاريع أمريكا -وهو وحزب العدالة والتنمية بعيدان عن الدين بعد المشرق عن المغرب- هو قدوة حركة حماس؟!!
ثم لماذا هذا التنصل من حركة طالبان التي لا تمارس سوى أعمال مقاومة وجهاد دفاع مشروع ضد المحتل الأمريكي؟!! هل هو الخضوع والخوف من المعايير الدولية؟!! أم هو نبذ لأعمال المقاومة بكل أشكالها وفي كل أوطانها؟!!
إن الانخراط في العملية السياسية المحكومة من قبل الغرب على اختلاف توجهاته ومصالحه قد قاد حركة حماس إلى هذا الموقف المتقهقر والناكص على عقبيه، حتى باتت تدافع عن سلطة لا سيادة لها على أرض أو ماء أو هواء، وبدل أن تقلب الطاولة على يهود والغرب والمتآمرين على فلسطين وأهلها باتت جزءاً محورياً في المخططات الغربية الخبيثة للمنطقة.
إن قدوة وأسوة المسلمين جميعاً هو الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام الذي خط لنا في سيرته أعظم منهاج وأبان لنا بأن الحق أبلج ولا يحتاج للمناورة بين الثابت والمتغير تلك السياسية الميكافيلية التي فتنت يوسف وأمثاله، فالرسول عليه السلام رفض التنازل عن حكم شرعي واحد برغم تآلب الدنيا عليه وضعف حاله وقوته وقلة حيلته، فها هو كالطود الأشم يرد على بني عامر بن صعصعة اشتراطاتهم لإعطائه النصرة قائلاَ (الأمر لله يضعه حيث يشاء) وذلك حينما طلبوا أن يكون لهم الملك من بعده.
لقد آن لحركة حماس أن تدرك أنها قد انخرطت أو تكاد تنخرط فيما انخرط به المفرطون من قبل فتعيد النظر مرة تلو المرة، فتعلن البراءة من المشاريع الدولية والمفاصلة مع القوى الغربية الاستعمارية وعملائهم من حكام المسلمين، أم ترى هذه الدعوات والنداءات ما عادت تلاقي صدى لديها وبات تذكيرها بحالها وبما يمليه عليها الشرع مجرد صرخة في واد أو نفخ في رماد؟!!
(إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)
2-1-2009