تعليق صحفي

أهو الموساد أم ظلمكم وفسادكم أيها العملاء المتآمرون؟!

في ظل استمرار الاحتجاجات في مناطق متفرقة من السودان احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، وفي ظل سقوط عدد من القتلى برصاص قوات الأمن وإغلاق جامعة الخرطوم ومواقع التواصل الاجتماعي وفرض منع التجوال في عدة ولايات، اتَهم مدير جهاز الأمن الوطني والمخابرات السودانية صلاح قوش بأن من يحرك الاحتجاجات هو كيان يهود بواسطة شبكات ومجموعات تعمل مع الموساد حيث صرح أن "أجهزة الأمن ألقت القبض على مجموعات قدموا من إسرائيل وتم تسريبهم إلى داخل البلاد عبر العاصمة الكينية نيروبي وأن هذه المجموعات أدارت عملية التخريب ونفذتها في بعض المدن".

منذ عقود وهذه الأنظمة الجبرية تسوم الناس صنوف الأذى والعذاب؛ من تعطيل لأحكام الله ونهب للثروات وتقسيم للبلاد وإفقار للعباد خدمة للاستعمار وتنفيذاً لمشاريعه، حتى وصل الحال بالناس إلى الاصطفاف في طوابير طويلة أمام المخابز كما حصل في السودان قبل اندلاع الاحتجاجات طلباً للقمة العيش، وما إن يتحرك الناس ويخرجوا للتعبير عن رفضهم لهذا الذل والهوان حتى تتسابق الأنظمة للتخوين والتصريح بكل صلافة ووقاحة أن من يقف خلف هذه الاحتجاجات ليست الأوضاع الاقتصادية والسياسية السيئة والفساد وإنما الموساد وكيان يهود!!

لقد أصمت هذه الأنظمة المجرمة آذان الأمة وهي تجعجع وتدعي وقوفها في وجه كيان يهود، حتى سمي بعضها زوراً وبهتاناً محور الممانعة والمقاومة، وما إن جاءت ثورات الربيع العربي حتى ظهر مدى حقد هذه الأنظمة جميعها على الأمة الإسلامية واستعدادها لسفك دماء المسلمين للحفاظ على عروشهم، فحركوا الجيوش، التي كانت تنتظر منذ سنوات أن تتحرك فيما يخدم أمتها ويسهم في عزتها، حركوها للوقوف في وجه أمتهم لقمعها وقتلها بحجة أن هذه الاحتجاجات تصب في مصلحة كيان يهود، الذي يتسابق هؤلاء الحكام العملاء للتطبيع معه، وليس آخر تلك الفضائح التطبيعية الإعلان عن زيارة قريبة لرئيس وزراء كيان يهود إلى السودان!! مما يظهر بشكل واضح مدى سخافة هذه الأنظمة ووقاحتها في التعامل مع الأمة وَكَيل التهم إثماً وعدوناً وبشكل ساذج ومفضوح.

إن هذه الاحتجاجات، في السودان وغيرها من بلاد المسلمين، تعبر عن مدى الاحتقان الذي وصلت له الأمة في ظل الأنظمة الجبرية والمبدأ الرأسمالي القذر، وأن هذه الاحتجاجات تبين أن أمة الإسلام أمة حية تمرض ولكنها لا تموت، تسكت ولكن ما تلبث أن تهب للتحرك والنهوض، وليست بحاجة سوى لقيادة سياسية واعية مخلصة تقودها إلى بر الأمان، بإسقاط النظام المجرم وإقامة حكم الإسلام، فتنقذ هذه الاحتجاجات من مكر الثعالب التي تسعى للمتاجرة بدمائهم وتضحياتهم وأقصى غايتها تغير أشخاص ومناصب والحصول على مكاسب سياسية آنية أنانية دون المساس بالنظام الرأسمالي والعمل للمحافظة عليه بحجة إصلاحه بدل إسقاطه للالتفاف على حراك الأمة وبعثرت جهودها والحيلولة دون نهضتها.

إن كيان يهود يرعبه ما يراه من تحرك في الأمة الإسلامية للتخلص من الذل والاستعباد لأن بقاءه مرهون ببقاء هذه الأنظمة وبقاء الأمة تحت نير الذل والاستعباد، وهو يعلم علم اليقين أن الأمة إذا ما تحركت خلف قيادة سياسية واعية على ما يحاك للأمة من مؤامرات وخدع وفخاخ ومخلصة لدينها وربها، فإن أيامه تصبح معدودة، وما يشاع أن من يحرك الاحتجاجات هو الموساد ما هو إلا كذبة للأنظمة التي فرغت جعبتها من الحجج والمبررات فتلجأ إلى هذه الحجة السخيفة المكشوفة لتبرير سفك دماء الأمة والتصدي لها.

22-12-2018