تعليق صحفي

اتفاق أوسلو جريمة بحق فلسطين ولا يقل خطورة عن وعد بلفور!

خمسة وعشرون عاما مرت على الاتفاق المشؤوم الذي أبرمته منظمة التحرير مع كيان يهود، معترفة بذلك بأحقية هذا الكيان باحتلال فلسطين، مقابل اعتراف هزيل بتلك المنظمة فقط ودون الاعتراف بما تطالب به تلك المنظمة من دولة على بعض البعض من فلسطين.

بينما بقايا تلك المنظمة ووليدتها المشوهة المسماة السلطة الفلسطينية، تقف منذ سنوات أمام حالة الفشل والاحباط والوعود التي تطايرت من جراء ذلك الاتفاق.

لقد فتح ذلك الاتفاق الخياني الباب واسعا أمام بقية الحكام والأنظمة للاعتراف بكيان يهود، فلحق ذلك الاتفاق اتفاق وادي عربة بين النظام الأردني وكيان يهود ثم علاقات بين المغرب وكيان يهود، ثم علاقات وتطبيع وفتح سفارات بين قطر وكيان يهود، ثم تدهورت الأمور أكثر لتشمل أكثر من حاكم خليجي، وحتى لقاءات يعبر عنها بخجل بين كثير من حكام المنطقة وسياسيي كيان يهود، وكل هذا جراء الجريمة التي حصلت، وبحجة إذا كان ممثل أهل فلسطين قد طبع مع يهود، فما الداعي لاستمرار قطع العلاقات بين هؤلاء الحكام وكيان يهود؟!

وليت الأمر بقي متوقفا على جريمة تحويل فلسطين من قضية اسلامية إلى عربية ثم إلى فلسطينية بإنشاء منظمة التحرير التي وقعت أوسلو، بل إن هذه المنظمة والسلطة قد حصرت خيارات أهل فلسطين باستجداء الدول الكبرى في العالم، ليصبح مطمح أهل فلسطين هو نوال رضى تلك الدول لعلها تضغط على كيان يهود لإنجاز ما لم يعطه كيان يهود في تلك الاتفاقية.

لقد مثلت تلك الاتفاقية سرقة لتضحيات وعذابات أهل فلسطين الذين قدموا الكثير الكثير وما زالوا، بحيث انتهت الانتفاضة الأولى بسرقة تضحياتهم وجعل الثائرين والفدائيين والمنتفضين حماة لكيان يهود.

ورغم أن اتفاق أوسلو قد خرج بعد اللقاءات المظلمة في الغرف السرية بين بعض من رجال المنظمة اتخذوا طريقا يختلف عن طريق مدريد الذي دشنته أمريكا بعد ضرب العراق في حرب الخليج، واظهار أن أمريكا هي القوة الأكبر في العالم، إلا أن الاتفاقيات التي تلت أوسلو كاتفاقية باريس لم تكن أقل خيانة وخنوعا من قبل رجال المنظمة عما حصل في أوسلو، ويكفي في هذا الإطار الإشارة لقول رابين رئيس وزراء كيان يهود عن تلك المفاوضات "لقد كنا نفاوض أنفسنا"!

ونظرة سريعة على ما أنتجه ذلك الاتفاق المشؤوم تري أنه وحتى بالنظرة الوطنية الضيقة وبعقلية المفاوض المفرط، فإنه اتفاق فاشل؛

فلا دولة على بعض البعض من فلسطين قد قامت، وحتى لو أقيمت فإنها ستكون قابلة للحياة أي ليست حية بذاتها، ويكفي ما فعله مهندس أوسلو من طلبه قبل سنوات بتواجد قوات أمريكية لحماية دولته المسخ.

ولا استيطان زال بل تعزز أكثر وأكثر حتى غدت تلك الدولة لو قامت أشبه بالجبنة السويسرية يعيش رجال السلطة في جحورها، لا ينتقلون إلا بتصريح ولا يمرون إلا بموافقة جندي يهودي غرّ إن شاء سمح لهم وإن شاء فتشهم وكشف عورة سيادتهم الخاوية، وإن شاء منعهم!

ولا حق عودة قد تحقق ولو في ظل حكم كيان يهود! بل إن المبادرة العربية التي تتمسك بها السلطة قد صرحت بأن حق العودة حق فردي، وهو ما يعني امكانية التعويض للأفراد بدلا من إعادتهم لحقهم في فلسطين.

وزاد الأمر في تبعية تلك السلطة، أن تحولت المطاردة الساخنة التي نصت عليها اتفاقية أوسلو، إلى تنسيق أمني مقدس يجعل تلك السلطة حامية لكيان يهود.

وحتى الهوية الفلسطينية التي يتذرع بها رجالات السلطة، وأن تلك الاتفاقية قد أبرزت تلك الهوية فإنها قد حولتها من فكرة الشعب المقدام، إلى فكرة الفلسطيني الجديد الذي تدربه القوات الأمريكية وجنرالها دايتون، وإلى فكرة التنسيق الأمني "المقدس" الذي يريد تحويل أهل فلسطين إلى خدم وعبيد وحماة لأراذل الناس كيان يهود. أو جعلت الفلسطيني الجديد يظهر بطولاته على أبناء شعبه، ممن قد يفكر بمقاومة كيان يهود ولو بسكين، أو تريده إنسانا ديوثا لا يغار على عرضه من خلال أعمال السلطة ورعايتها للرذيلة والاختلاط والجمعيات النسوية والدبكات المشتركة ولقاءات التطبيع الشبابية ومهرجانات الرقص وعروض الأزياء، فمن لا يغار على عرضه لن يغار على أرضه، ولن يثور على محتله.

إن رجال السلطة البائسة الخانعةقد جمعوا من كل قطرٍ ونظام عاشوا تحت ظلاله منقصة، فأنشأوا المعتقلات والسجون لقمع الناس، وفرضوا الضرائب عليهم ليوفروا للمحتل أرخص احتلال في التاريخ، وفرطوا تنازلوا، حتى أطمعوا أمريكا بأن تطلب منهم التنازل حتى عن القدس الشرقية وتسقط حق العودة!

وما طرح أمريكا قبل سنوات على عريقات التنازل عن القدس إلا من هذا الباب، وما طرح أمريكا مؤخرا لصفقة القرن ولتهويد القدس وجعلها عاصمة لكيان يهود إلا من هذا الباب كذلك.

إن اتفاق أوسلو يخالف الحقائق الشرعية والتاريخية:

·       فأرض فلسطين أرض اسلامية، وإن الواجب يقتضي تحريرها بطريق الجهاد، وإن الواجب يقتضي تحريك الجيوش لتحقيق لك.

·       إن كيان يهود كيان باطل لا يجوز ابرام اتفاق معه.

·       قضية فلسطين قضية إسلامية، والإسلام عند تجسده في دولة واحدة تلم شعث المسلمين، فانه سيقول كلمته الفصل بإزالة هذا الكيان تماما.

·       إن من يقبل التفريط مرة فسيقبله ألف مرة، وهذا هو حال السلطة.

·       ان العهود مع يهود عموما مآلها الخسران مصداقا لقول الله (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).

إن معارضة اتفاق أوسلو، كما تفعل بعض الحركات في فلسطين، هو أمر ممدوح ولكن المطلوب هو العمل على عدم ظهور أوسلو جديدة، فمن توصل بعد أحد عشر عاما من دخوله السلطة أن اتفاق أوسلو مشؤوم وملعون حري به ألا يتقدم ليظهر نفسه ممثلا عن أهل فلسطين ليقودهم لأوسلو جديدة بحجة فشل القديمة ورجالها.

ان اتفاق أوسلو جريمة بحق فلسطين وخطورته لا تقل عن جريمة وعد بلفور، فوعد بلفور تم من عدو لئيم قدم فلسطين ليهود، أما أوسلو فقد قدمت فلسطين ليهود باسم أهلها!

15-9-2018