تعليق صحفي

فصل موظفي وكالة الغوث هو قرار سياسي باتجاه تصفية قضية فلسطين!

في اطار التهديدات والضغوط التي تمارس على أهل فلسطين، أصدرت وكالة الغوث قرارا يمس بحوالي ألف موظف، حيث فصلت ما يزيد عن مئة موظف منهم بشكل نهائي، وقلصت دوام المئات منهم، وحددت مدة توظيف البقية حتى نهاية هذا العام، وكله في اطار التهديدات التي أطلقت قبل أسابيع تجاه موظفي وكالة الغوث، بحجة العجز المالي، بعد تجميد أمريكا لدعمها المالي لهذه الوكالة والتي ارتبطت بقضية اللاجئين.

إن هذا القرار هو قرار سياسي بامتياز وليس مجرد أزمة مالية، بل إن الأزمة ناتجة عن تجميد مساهمة أمريكا التي تقدمها للوكالة، وعلى الرغم من أن هذه الوكالة مرت سابقاً بأزمات مالية أكبر من الموجودة حاليا، إلا أنها قد تجاوزتها، ولم تقم بفصل موظفيها، وخاصة الموظفين المرتبطين بالقطاعات الإغاثية وتوزيع الكوبونات الغذائية لحوالي مئة ألف لاجئ، حيث مست قرارات الفصل بهؤلاء الموظفين وهو ما يعني أن القرار له أثر أكبر بكثير من فصل ألف موظف، حيث إن من آثار هذا القرار حجب المساعدات الغذائية عن حوالي مئة ألف لاجئ يتلقون المساعدات، وفصل هؤلاء الموظفين قد يكون مقدمة لإنهاء هذه المساعدات، سيرا باتجاه تصفية قضية فلسطين، وهو ما يعني أن هذه الأزمة ولو تم حلها ماليا، فلن يتم حلها بسبب سياسة أمريكا وقراراتها وصلفها في التعامل مع العالم كله، فكيف الحال بتعاملها مع المسلمين وهم لا يرون من حكامهم إلا الخضوع والخنوع؟!

إن أمريكا وأطراف إدارتها، الذين يسعون لتصفية قضية فلسطين حتى ببعدها الوطني الضيق، إنما يعملون على تصفية قضية فلسطين، من خلال تصفية قضية اللاجئين وما يمثلها كوكالة الغوث، وتحويل مشاكل أهل فلسطين، وخصوصا في قطاع غزة، من قضية أرض احتلها كيان يهود المدعوم أمريكياً وهجر أهلها، إلى مجرد أزمة إغاثية وإنسانية!

بل إن كلام وفجور مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هيلي، وطلبها ضرورة دفع الأموال لإنجاز المصالحة التي يشرف عليها عملاء أمريكا في مصر، ويعرقلها عباس وسلطته، يعني أمورا؛ منها الاستخفاف بعقول الناس والأمم مع أن سبب الأزمة بشكل مباشر هي أمريكا لا غيرها، علاوة على أنها هي المتحكمة في غالبية مؤسسات الأمم المتحدة كوكالة الغوث. فهل من يزعم الحرص على أهل فلسطين يسعى لتجويعهم وإذلالهم عدا عن قتلهم وتهجيرهم ودعم من يحتل أرضهم ومقدساتهم؟!

وما يزيد من جرأة أمريكا على أفعالها التي تزيد ضنك أهل فلسطين، هو أنها ترى رئيس السلطة سبّاقا في تجويع أهل فلسطين بفرضه للعقوبات على قطاع غزة بحجة امضاء المصالحة!

إن الواجب على الأمة أن تتحمل مسؤولية قضية فلسطين بتحريرها وإزالة كيان يهود وبإغاثة أهلها، ولا يصح أن تترك أهل فلسطين على أبواب منظمات دولية تدعم كيان يهود وتتلاعب بمصائرهم وأقواتهم كالأمم المتحدة ووكالة الغوث.

إن الأصل أن تقع مسؤولية أهل فلسطين على الأمة التي تزخر بالثروات، لكن حكام المسلمين لم يورثوا شعوبهم سوى الفقر والقهر وضنك العيش، فماذا سيقدم هؤلاء لأهل فلسطين سوى التآمر. وحتى حكام السعودية الذين يمنّون على أهل فلسطين بالفتات ويتبرعون لأمريكا بمئات المليارات، فإن هذه الأموال ليست منّة منهم أو كرماً، بل هي أموال الأمة التي يسرقونها ويحرسونها لأسيادهم في أمريكا وبريطانيا.

إن الحل الجذري لقضية فلسطين وحل كل مشاكلها المتفرعة والمتشعبة إنما يكون بتحرك الجيوش لتحريرها لا أن يُكتفى بجعل أهل فلسطين مجرد مجموعة من الحالات الإنسانية والإغاثية!.

26/7/2018