كان من المقرر أمس الثلاثاء 18/5/2010 عقد محاضرة لشباب حزب التحرير بعنوان أبناءكم ... أبناءكم أيها المسلمون في مدينة حلحول، وحينما توجه الناس وأنصار حزب التحرير لمكان عقد المحاضرة وجدوا الصالة مغلقة في وجههم بأمر من الأجهزة الأمنية التي استدعت صاحب الصالة وهددته بإغلاقها بالكلية، في بلطجة لم تعرف إلا من أعداء الإسلام، وبالرغم من تواجد الأجهزة الأمنية حول الصالة،اعتصم الحضور أمام الصالة ولم ينصرفوا إلا بعد أن ألقى أحد شباب الحزب كلمة قصيرة تحدث فيها عن موضوع المحاضرة وأكد أن ما تفعله الأجهزة الأمنية هو بإذن من أسيادهم الأمريكان وأن فعلهم لن يثني شباب الحزب عن الاستمرار في العمل لدين الله ودعا الناس إلى العمل مع الحزب فيما يدعو إليه.
 
وهذا نص المحاضرة التي منعت أجهزة السلطة شباب الحزب من إعطاءها في حلحول يوم الثلاثاء 18/5/2010
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
أبناءكم ... أبناءكم أيها المسلمون
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على دربهم بإحسان إلى يوم الدين. الحمد لله القائل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التحريم6 .  
أيها الأخوة الحضور: إن المسلم في هذه الأيام يعيش مكابدا لتحصيل المصروف اليومي والدواء ولقمة العيش لأبنائه فلذات كبده. والآباء - كما الأمهات- لا يألون جهدا في السهر على تربية أبنائهم وتنشئتهم التنشئة الصالحة لسان حالهم قول الله تعالى: { رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } الفرقان74 . ومع كل هذا فإنهم يواجهون العديد من التحديات والمشاق أثناء تربيتهم التربية الصالحة خاصة في ظل غياب الحكم بما أنزل الله ووجود الحرب الشرسة على الإسلام وأهله. ومن هنا فإنه يلزمنا بيان هذه التحديات وبيان علاجها واتخاذ المواقف الحاسمة تجاهها.
أيها الأخوة الكرام: إن من أبرز هذه التحديات التي نواجهها في تربية أبنائنا هجمة الكفر بثقافته على أبنائنا وبناتنا من خلال البرامج التي تنفذها المؤسسات الغربية الكافرة والتي تعمل في بلادنا على تجهيل المسلمين خاصة صغار السن بإبعادهم عن دينهم الذي ارتضاه الله لهم وفصل دينهم عن معترك الحياة. ومن هذه التحديات المناهج التعليمية التي صممها المستعمر وطبقها في مدارسنا وجامعاتنا والتي يراد لها أن تخرج أبناءنا بعقلية خاصة تسير وفق الخطة التي يريدها الكفار وهي فصل الدين عن الحياة والمجتمع ما يؤدي إلى تشويش التكوين الثقافي لديهم ويجعله متناقضا مع عقيدتهم عقيدة الإسلام فصار التعليم عملا هداما بدل أن يكون بناءا. فما يبنيه البيت من ضرورة تسيير الأعمال بحسب أحكام الشرع تهدمه المناهج التعليمية المبنية على أساس فصل الدين عن الحياة فهذه المناهج العقيمة محشوة بالأفكار الرأسمالية ويجب التصدي لها.  
أيها الحضور الكريم: ومن هذه التحديات التي جندها المستعمر الإعلام الذي يقلب الحقائق ويظهر الأمور على عكس ما هي عليه مروجا لطريقة عيشه في الحياة بحيث تبدو وكأنها مثال يحتذى. وبالمقابل فإنه يحارب الإسلام ويشوه الحقائق ويحارب العاملين لإعادة حكم الله في الأرض ووصمهم بالإرهاب والتطرف والرجعية والتخلف. ووسائل الإعلام المضللة هذه تبث سمومها القاتلة لتشويه صورة الإسلام ومهاجمة أفكار العقيدة الإسلامية باسم الديمقراطية وحرية التعبير والحرية الشخصية والترويج للاختلاط والرذيلة والدعوة لتحرير المرأة والدعوة لعدم الزواج وإقامة علاقات خارج إطار الزوجية بحجة أن الزواج المبكر مضر - على حد زعمهم - والدعوة إلى حقوق الإنسان وغيرها من أفكار الغرب الفاسدة مما يؤثر على أبنائنا بشكل سلبي. 
ومن معاول الهدم أيها الأخوة ما تقوم به دول الكفر من هدم الإسلام في نفوس أبنائنا وتحويلهم إلى العلمانية الكافرة التي تفصل الدين عن حياتهم. ولا يعني ذلك بالضرورة أن يكفروا بالله تعالى بل يعني أن يفصلوا الدين عن شؤون حياتهم وإن صاموا وصلوا وحجوا فلا يحكمونه فيما يواجهون في حياتهم ولا يجعلونه مقياسا يقيسون به أفكارهم بل يحكمون المفاهيم الغربية ويجعلونها حكما على شرع الله. وهكذا يدأبون على تخريب عقول أبنائنا بطمس عقيدتهم وتغيير انتمائهم والدعوة إلى الديمقراطية كنظام بديل عن الإسلام والعمل على هدم النظام الإجتماعي الذي ينظم علاقة الرجل بالمرأة في الإسلام واستبداله بالنظام العلماني وترسيخ مقياس النفعية والدعوة إلى الحريات التي أحطت بأهلها في الغرب. و ليعلم الجميع أن هناك مؤسسات غربية خبيثة تعيث فسادا في كل بلاد المسلمين تحرسها الأنظمة تروج للحرية الشخصية وحرية التدين وحرية الرأي وتعلن أن هذه الحريات خاصة الحرية الشخصية هي حريات مقدسة يجب الحرص عليها. وهي تعلم أبنائنا أن المجتمعات الحديثة تقوم على الحريات وأن من هذه الحريات حرية الفرد في الارتداد عن دين الإسلام والذي حرمه الإسلام. وهي تعلمهم أن حق التشريع هو حق للبشر وأن الزواج المبكر هو الانتهاك رقم واحد لحقوق الإنسان وأن كل الأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة يجب هدمها والقضاء عليها وأن من حق المرأة المسلمة الزواج ممن تشاء حتى وإن كان غير مسلم وأن للمرأة المسلمة أن تقيم العلاقات مع الأجانب خارج إطار الزوجية وأن تتخذ أصدقاء من الرجال وأن تخلع عنها لباس الحشمة الذي أمرها الإسلام به وغير ذلك من الموبقات والعياذ بالله.
أيها الأخوة: علينا أن نكون مدركين لما يدور حولنا من عملية ممنهجة تقودها الأنظمة والمؤسسات الغربية في بلادنا لتغريبنا عن عقيدتنا وأحكام ديننا التي ارتضاها لنا ربنا. وعلينا أن ندرك أن سياستهم هذه تجاه أبنائنا تحديدا تهدف إلى تدمير الأجيال وفصلهم عن أمتهم وعن قضاياها وتهدف إلى جعل الآباء والأمهات في واد وأبناؤهم في واد آخر. وهنا نتساءل: ما هو موقفكم أبنها الآباء أمام هذه التحديات؟ فديننا يأمرنا أن نحافظ على أبنائنا وأن نحميهم من كل شر بل ويحتم علينا مواجهة هذه التحديات لأننا مسؤولون عن أبنائنا وصدق عليه الصلاة والسلام حين قال:"إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه أحفظ أم ضيع ؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته" (رواه الترمذي) وقال:"الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها" (رواه البخاري ومسلم) وقال:"لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع" (رواه الترمذي) وقال:"ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن" (رواه الترمذي). وقد رأيتم الفساد الذي يراد لأبنائكم وقد وقع بعضه إن لم يكن جله فلا بد لنا من أن نبني أبناءنا كما أمرنا رسولنا فنصنع منهم شخصيات إسلامية تفكر على أساس الإسلام وأن نجعل منهم قلوبا تنبض بالإسلام وأن نعلمهم الحلال والحرام بدل أن يصبحوا ذوو ثقافة مشوهة تفصلهم عن قضايا أمتهم وتجعلهم خداما لأعدائها ... نعيذ بالله أنفسنا وأبناءنا من ذلك.
أيها الحضور الكريم: إن الأبناء كالإناء الفارغ يمكن تعبئته بما نشاء مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصِّرانه أو يمجسانه" وأبناؤكم أمانة في أعناقكم فإما أن تثقفوهم بثقافة الإسلام التي هي الحصن الحصين وإما أن تتركوهم فريسة لأعداء الإسلام الذين يعملون ليل نهار على إفسادهم. ولتعلموا أن مسؤوليتكم عن أبناءكم في ظل غياب حكم الإسلام تتضاعف خصوصا في ظل أنظمة تحارب أبنائكم وتريد لهم أن يشبوا في طاعة أنظمة الغرب وأفكاره الفاسدة. أدعوكم لأن تحصنوا أبنائكم ضد كل فكر دخيل في مناهجهم المدرسية ... حصنوهم ضد النشاطات اللامنهجية التي تعمل على تعليمهم الفن الهابط والرقص ... حصونهم ضد نشاطات الصيف الساخن التي تقودها المؤسسات الأجنبية والتي تعمل على ابتعاثهم إلى أوروبا وأمريكا لينهلوا من موبقاتها ... حصونهم ضد الاختلاط الذي يقود للرذيلة ... حصنوا بناتكم ضد التعري باسم الحرية ... وحصنوهم بغرس الهمم العالية في نفوسهم والعمل لدينهم ... حصنوهم بتوعيتهم على قضاياهم الحقيقية خصوصا عودة وحدتهم وإقامة دينهم بإقامة دولتهم دولة الإسلام … علموهم أن الأمة الإسلامية هي خير أمة أخرجت للناس …اغرسوا في نفوسهم واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... علموهم خلق الإسلام في الجرأة في الصدع في الحق وعدم المداهنة .... علموهم أن دورهم في نصرة دينهم دور عظيم وأن أسلافهم من الشباب كانوا قادة للبشرية وأن كثير من صحابة رسول الله صلى لله عليه وسلم كانوا شبابا حملوا الإسلام على أكتافهم وجاهدوا في سبيل رفع راية الإسلام ولا شيء سواها … أفهموهم - رحمكم الله- أن دور الشباب ليس الكد والتعب وتحصيل لقمة العيش والأكل والشرب وتقليد الفاسد من البشر بل إن دورهم أن يكونوا من الغرباء الأطهار الذين يصلحون ما أفسد الناس وأنه ليس بالمستحيل أن يكونوا أبطالا من أبطال الدعوة لإظهار دين الله في الأرض اقتداء برسولهم الكريم وصحابته الأطهار.  
أيها الأخوة الكرام: لا شك أننا إذا أحسنا تربية أبناءنا صنعنا منهم شخصيات إسلامية متميزة تطبق الإسلام وتحمله إلى العالم فنكسب عز الدارين ونعود كما كنا الأمة الأولى في العالم ... خير امة أخرجت للناس. ونحن إذ نربي أبناءنا لا نربيهم للدنيا فقط ولكن نعدهم لحياة الآخرة التي فيها بقاؤهم وسعادتهم فليس من المعقول أن نربي ونعلم ونتعب ونكد ثم نلقي بأولادنا في نار جهنم.   إن الله تعالى امتن علينا بنعمة الذرّية و حذرنا من الافتتان بها فقال:{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} الأنفال28 و انتدبنا لنأخذ بحُجَز أهلينا عن النار فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التحريم6.   فليكن هذا نبراسنا ولنكن على قدر المسؤولية في تنشئتهم وتوجيههم لما يريد الإسلام. واعلموا أن ما نقوم به كآباء اليوم من تصدي لما يراد من تخريب لعقول أبنائنا هو حل جزئي متعلق بضرر ومنكر يقع لا بد من إزالته وتغييره وهو ضرر متعلق بالدين وبالأمانة التي أنيطت بنا تجاه أبنائنا. لكن الحل الجذري لمشكلة أبنائنا والتحديات التي تواجههم ومشاكلنا كلها لن يتم إلا بإقامة دولة الإسلام التي تقيم كل الإسلام والتي تقوم في كل شيء فيها على العقيدة الإسلامية. بل إن التحديات التي تواجهها الأمة ومنها التي تتعلق بتربية أبنائنا التربية الصالحة ناجمة عن غياب تطبيق الإسلام ولن نجد لها الحل الكامل والصحيح إلا بالحل الجذري لكل قضايا المسلمين وهو إعادة الحكم بالإسلام باستئناف الحياة الإسلامية المسلوبة منا حين هدمت دولتنا دولة الخلافة. ندعوكم لأن تعملوا معنا من أجل إقامتها فهي البلسم الشافي لكل جراحنا وهي الحصن الحصين لنا من كل خطب وهي السبيل لأن نعود أسيادا للعالم كما كنا. قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55. نسأل الله أن تكتحل عيوننا جميعا برؤيتها وأن نكون من شهودها وجنودها إنه على ما يشاء قدير.……. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. بارك الله فيكم وجعل الله حضوركم في ميزان حسناتكم.
18/5/2010