بسم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤال:

  الغارات الأمريكية على ليبيا

 

السؤال: تتوالى الغارات الأمريكية على سرت بطلب من حكومة السراج، فقد (أكدت مصادر عسكرية مقربة من قوات المجلس الرئاسي بسرت، أن الطيران الأمريكي نفذ أمس الاثنين ثماني غارات جوية على معاقل داعش بالمدينة...) (العربية.نت، 2016/8/9)، ولكن من المعروف أن حكومة السراج في ليبيا أنشئت بموجب اتفاق الصخيرات في المغرب، وكان اللاعب الأساس في هذا الاتفاق هو أوروبا وبخاصة بريطانيا... وكانت سياسة هذه الحكومة وفق السياسة الأوروبية رفض التدخل العسكري الأمريكي، فلماذا وافقت الآن؟ فهل تغيرت سياسة السراج عن الخط الأوروبي؟ وجزاك الله خيراً.

 

الجواب: إن حكومة السراج لا زالت تسير في الخط الأوروبي وبعبارة أدق البريطاني، وموافقتها على التدخل العسكري الأمريكي لا يعني أنها أصبحت موالية سياسياً لأمريكا، وإنما دفعتها إليها بريطانيا كخطوة في طريق إغراء أمريكا لجعل برلمان طبرق يوافق على حكومة السراج؛ وذلك أن أمريكا رغم موافقتها الظاهرية على حكومة السراج بسبب الترويج السياسي في الرأي العام الذي أوجدته بريطانبا لحكومة السراج، إلا أن أمريكا بقيت تعارضها عمليا وتوجد لها المشاكل من قبل حفتر وجماعته، فلم تجعل برلمان طبرق يوافق على حكومة السراج، فكانت خطوة السراج بدافع من بريطانيا لطلب التدخل العسكري الأمريكي لإغراء أمريكا على "أمل" أن تجعل برلمان طبرق يوافق على حكومة السراج... ولتوضيح ذلك نستعرض الأمور التالية:

 

1- تشكلت حكومة السراج بدعم أوروبي وخاصة بريطانيا التي استطاعت أن تعقد اتفاق الصخيرات يوم 2015/12/17 وكانت تعرقل التدخل العسكري في ليبيا لأنها ليست بحاجة إليه بسبب أنها تسيطر على الوسط السياسي وأن الحكومة تابعة لها، واستصدرت قرارات دولية لمنع التدخل العسكري، ولكن أمريكا كانت تصر على التدخل وقامت بضربات منفردة منذ تشرين الثاني العام الماضي وآخر ضربة لها كانت في شباط الماضي حيث قتلت 49 شخصا في معسكر بليبيا أغلبهم من أهل تونس، وذلك لأن الوجود الأمريكي ضعيف في ليبيا فتريد أمريكا أن تعتمد على التدخل العسكري وقد دعمت عميلها حفتر للسير في هذا الدور... وقد اعترفت أمريكا بضعف وجودها في ليبيا، فقال الناطق باسم البنتاغون بيتر كوك يوم 2016/5/17: "إن الولايات المتحدة ما زال لديها وجود صغير في ليبيا مهمته محاولة تحديد الأطراف والمجموعات التي قد تكون قادرة على مساعدة الولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم الدولة" (الشروق التونسية، 2016/5/17). وكانت العقبة أمام تسهيل عمل حكومة السراج هي اشتراط أمريكا أن يكون دور أساس لحفتر في الجيش ومن ثم يعترف برلمان طبرق بحكومة السراج، ولكن اتفاق الصخيرات ينص على غير ذلك، والمبعوث الدولي يكرر هذا الأمر في مناسبات عدة، فقد ذكر المبعوث الدولي لليبيا مارتن كوبلر يوم 2016/8/7 على تلفزيون الغد أن "الاتفاق السياسي ينص على أن المجلس الرئاسي هو القائد الأعلى للجيش الليبي ويجب على جميع الأطراف الليبية احترام هذا الاتفاق وأنه يجب اتخاذ قرارات تحدد من سيكون رئيس قيادة الجيش ورئيس الأركان ورئيس القوات البحرية والجوية وأن تكون تحت مظلة المجلس الرئاسي، وقال: "أحاول منذ أسابيع التواصل مع الفريق خليفة حفتر لبحث قضية توحيد الجيش الليبي..." وطالب "بانعقاد مجلس النواب الليبي بكامل أعضائه للموافقة على حكومة الوفاق الوطني... وإن مجلس النواب وافق على الاتفاق السياسي بعد التحفظ على مادة واحدة"، وهو يشير إلى المادة الثامنة ذات العلاقة بموقع حفتر التي تنص على أن: "تنتقل جميع صلاحيات المناصب العسكرية والمدنية والأمنية العليا المنصوص عليها في القوانين والتشريعات الليبية النافذة إلى مجلس رئاسة الوزارة فور توقيع الاتفاق...". وهذه المادة هي موضع الخلاف...

 

2- لقد أدركت بريطانيا أن أمريكا تريد التدخل العسكري وتمارسه فعلاً فقد ذكرت بوابة إفريقيا الإخبارية يوم 2016/1/8 أن "القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا أعلنت رسميا تدخلها العسكري في ليبيا وفق خطة عمل مدتها 5 سنوات، ترمي إلى تشديد الخناق على الجماعات الإرهابية في أفريقيا وتحديدا في ليبيا". وبذلك قررت أمريكا سياسة شن الغارات العسكرية أو التدخل العسكري من دون صدور قرار دولي وبدأت تقوم بها بالفعل، لأنه لم يتحقق لها ما تريد بالأعمال السياسية المباشرة. وبعد ذلك أعلن البيت الأبيض يوم 2016/1/28 أن "الرئيس أوباما ترأس اجتماعا لمجلس الأمن القومي خصص لبحث الوضع في ليبيا. وشدد على أن الولايات المتحدة ستواصل مهاجمة تنظيم الدولة في أي بلد وجد فيه وصولا إلى ليبيا إذا لزم الأمر وأصدر توجيهاته لمستشاريه في مجال الأمن القومي للتصدي لمحاولات التنظيم التوسع في ليبيا ودول أخرى"... ومع ذلك فإن أمريكا يهمها من الناحية القانونية أن يكون تدخلها بطلب من حكومة السراج كواجهة قانونية... فكان أن أمرت بريطانيا السراج أن يطلب من أمريكا التدخل فيجعل لتدخلها صفة قانونية ومن ثم ينطلق من هذه "الخدمة" التي يقدمها لأمريكا، ينطلق منها كأمل من أمريكا لتخفف من مساندتها لحفتر ولتجعل برلمان طبرق يعطي الثقة لحكومة السراج...!

 

3- وهكذا بدأ التدخل الأمريكي بشكل معلن بطلب من حكومة السراج، أي بطلب من حكومة ترى نفسها شرعية! كما ذكر ذلك المتحدث الأمريكي باسم البنتاغون بيتر كوك يوم 2016/8/1 حيث قال "إن الضربات جاءت بناء على طلب من حكومة الوفاق الوطني الليبية". إن هذا الطلب هو جريمة كبرى ولا ينفع السراج معها تصريحه يوم 2016/8/1 على التلفزيون الليبي الرسمي بأن: "المجلس الرئاسي قرر بصفته القائد الأعلى للجيش طلب دعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية لتوجيه ضربات جوية محددة لمعاقل تنظيم داعش في مدينة سرت وضواحيها... وإن هذه العمليات في هذه المرحلة تأتي في إطار زمني محدد ولن تتجاوز مدينة سرت وضواحيها... وستقتصر على المساعدة الفنية واللوجستية"، لا ينفعه ذلك، فإن المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك قال على النقيض من ذلك "إن الضربات ليس لها نقطة نهاية في هذا التوقيت تحديدا... وإنه سيجري في المستقبل تنسيق كل ضربة منفردة مع حكومة الوفاق وستحتاج إلى موافقة قائد القوات الأمريكية في أفريقيا". (الخبر الجزائرية، 2016/8/2)، فأمريكا لأول مرة تجد فرصة بأن تسمح لها الحكومة الليبية بشكل رسمي بالقيام بشن الغارات في ليبيا، وهي تعلن أنها لن تتوقف عند حد هذه الغارات، وتعلن أنها ستقوم بالمزيد، ولكن ستخبر الحكومة الليبية عندما تقوم بالضربة كعلم وخبر تحت اسم التنسيق!. وتربط ذلك بقيادتها في أفريقيا أي ضمن سياسة أمريكا في أفريقيا، وأن قيادتها هناك ستتولى العمليات، فالمستهدف هنا ليس ليبيا وحدها وإنما كل شمال أفريقيا...! وكذلك لا ينفع السراج تصريحه بعدم الموافقة على دخول قوات برية حيث نقلت وكالة فرانس برس العالمية في 2016/8/10: (أعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، الأربعاء، أن بلاده ليست بحاجة لقوات أجنبية على الأراضي الليبية لمساعدة القوات التي تقاتل تنظيم داعش، وذلك في مقابلة مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية.) علماً بأن صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية كشفت، الثلاثاء، 2016/8/9 (أن قوات خاصة أمريكية موجودة على الأرض، وتقدم للمرة الأولى دعما مباشرا للقوات الليبية التي تقاتل تنظيم داعش في منطقة سرت...)!. وواضح من كل ذلك أن تصريحات السراج هي للاستهلاك المحلي لا غير وهي بعيدة عن الحقيقة بعد المشرقين!

 

4- إن أمريكا تنظر للتدخل على أنه تركيز لنفوذها في المنطقة، وفي هذا السياق أعلن الرئيس الأمريكي أوباما في اليوم التالي للضربات أي يوم 2016/8/2 أن "دعم معركة الحكومة الليبية ضد تنظيم الدولة يصب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي... وإن الضربات الجوية نفذت لضمان أن تتمكن القوات الليبية من إنجاز مهمة قتال الجماعة المتشددة وتعزيز الاستقرار." وأضاف أن "الولايات المتحدة وأوروبا والعالم لهم مصلحة كبرى في تحقق الاستقرار في ليبيا لأن غياب الاستقرار ساعد في تفاقم بعض التحديات التي شهدناها فيما يتعلق بأزمة المهاجرين في أوروبا وبعض المآسي الإنسانية التي شاهدناها في البحر بين ليبيا وأوروبا." (رويترز، 2016/8/2) فالرئيس الأمريكي يعتبر ذلك من مصلحة الأمن القومي لبلاده، فمعنى ذلك أنها مسألة مهمة تتعلق بالوجود الأمريكي في ليبيا، وإلا فما علاقة الأمن القومي الأمريكي بليبيا إلا أن يكون ذلك متعلقا بالنفوذ الأمريكي هناك؟! ويدّعي أوباما أنه يقوم بذلك ليس لمصلحة بلاده فحسب، بل لمصلحة أووربا والعالم، أي أن أمريكا كأنها هي التي ستحقق الاستقرار لأوروبا خاصة وهي التي تتصارع معها هناك، ومعنى ذلك أنها تعمل لبسط النفوذ الأمريكي هناك ومن ثم تجعل أوروبا تحت تحكمها فتخلفها إن استطاعت في استعمار بلد إسلامي طالما استعمره الأوروبيون ونهبوا ثرواته...

 

5- إن بريطانيا كما قلنا آنفاً أمرت السراج بطلب التدخل الأمريكي على "أمل" أن تقابل أمريكا ذلك بتخفيف مساندتها لحفتر وجعل برلمان طبرق يوافق على حكومة السراج... ولكن أوروبا في الوقت نفسه تدرك أن أمريكا لا يهمها حفتر ولا غيره بقدر ما يهمها أن يخدم هؤلاء العملاء مصالحها، وهي لو استطاعت أن تمتص الدماء الأوروبية من السراج فيصبح لها خالصاً فمن السهل عليها حينئذ أن تهمش حفتر أو حتى تلقي به جانباً إن لم يكن على قارعة الطريق، ولكن هذا إذا استطاعت أن تمتص الدماء الأوروبية من السراج ويصبح لها خالصاً وليس في مقابل هكذا طلب بالتدخل! وعليه فإن أوروبا تضع في الحسبان أن تماطل أمريكا في موافقة برلمان طبرق حتى تحقق مزيداً من ابتزاز حكومة السراج ومن ثم إطالة التدخل العسكري لخدمة مصالحها فيستمر نفوذها العسكري ويصبح السراج تحت الهيمنة العسكرية لأمريكا... ولذلك استغلت أوروبا إعلان التدخل الأمريكي لتعلن هي تدخلها الذي كانت تخفيه حتى لا تبقى الساحة العسكرية في ليبيا لأمريكا وحدها، ومن ثم يصبح التدخل مكشوفاً فتتدخل الدول الأوروبية ولا تعود بحاجة للتدخل السري كما فعلت فرنسا وقُتل لها جنود... ومن ثم تكون قوات أوروبية في ليبيا فلا تمكِّن القوات الأمريكية من فعل ما تريد بل يكون لها من الكعكة نصيب! وهكذا بدأ الكلام عن التدخل الأوروبي في ليبيا بشكل مكشوف، فقد كشفت صحيفة صنداي تايمز يوم 2016/8/7 أن "قوات خاصة بريطانية شاركت في وقت سابق بقتال داعش في سرت بجانب قوات المجلس الرئاسي وقد استخدمت أسلحة جديدة ولمواجهة قناصة التنظيم الذين كانوا يتواجدون على أسطح أبنية عالية في حي 700"، وعبر السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت على صفحته على موقع التواصل الإلكتروني "تويتر" عن "ترحيبه بانضمام ليبيا للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة" في إشارة إلى الغارات الأمريكية التي شنتها أمريكا على سرت... كما أعرب وزير خارجية فرنسا جان جاك ايرولت عن "ترحيب بلاده بخطوة حكومة الوفاق الليبية طلب المساعدة الدولية المتمثلة في الضربات الجوية الأمريكية، وذلك في اتصال هاتفي جرى بينه وبين السراج نشرت تفاصيله وزارة الخارجية الفرنسية"، وأعرب الوزير الفرنسي للسراج عن "استعداد بلاده لتعزيز تعاونها مع حكومة الوفاق في جميع الحالات وفي مقدمتها الأمن ومقاومة الإرهاب". وتحاول فرنسا أن تلعب على الحبلين لإرضاء أمريكا فتدعم حفتر شرقاً في قتاله ويُقتل لها جنود، وفي الوقت نفسه تعلن بصراحة دعمها لحكومة السراج في طرابلس غربا!... وقال وزير خارجية إيطاليا باولو جينتيلوني: "إن إيطاليا ترحب بالعمليات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة على بعض الأهداف التابعة لتنظيم الدولة في سرت والتي جاءت بناء على طلب من حكومة الوحدة الوطنية لدعم القوات الموالية للحكومة... وأعرب عن استعداد بلاده تلبية طلب ليبي بكل أشكال المساعدة بما فيها العسكري" (الأناضول، 2016/8/3) وقالت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي إن "إيطاليا ستسمح على الأرجح باستخدام قواعدها الجوية ومجالها الجوي لشن ضربات على عناصر تنظيم الدولة داعش في ليبيا، إذا طلبت الولايات المتحدة ذلك". (رويترز، 2016/8/3).

 

6- وهكذا أصبح النظام السياسي في ليبيا المنبثق عن اتفاق الصخيرات الذي صاغته بريطانيا، أصبح يعلن أنه يسمح لأمريكا بالتدخل! ولم يستحي من الله ولا من رسوله والمؤمنين في أن يطلب من دولة كافرة مستعمرة أن تتدخل عسكرياً في بلادنا! ومع أنهم يتدخلون بسبب خيانة الحكام في بلادنا لكن أن يكون بطلب من هؤلاء الحكام فتلك أدهى وأمر... ثم إن السراج، كشأن باقي العملاء، لا يشعر بالحرج عندما يتصرف اليوم بشيء ويتصرف غداً بنقيضه؛ فبالأمس احتج ولو باستحياء على التدخل الفرنسي واليوم يهلل للتدخل الأمريكي بل ويطلبه بلسانه!! فالعملاء ينفذون ما يؤمرون، صم بكم عمي فهم لا يعقلون... وكل ذلك على أمل أن توافق أمريكا على جعل برلمان طبرق يعطي الثقة للسراج وحكومته!

 

7- إن الطلب الرسمي من السراج لتدخل أمريكا العسكري وما تبعه من إعلان التدخل العسكري الأوروبي قد جعل ليبيا ساحة ساخنة ليس فقط للصراع السياسي على خطورته وإنما أيضاً للصراع العسكري الأشد خطرا!! إنها لجريمة كبرى يبوء صاحبها ومن شارك فيها بسهم، يبوء بالخزي في الدنيا وأشد العذاب في الآخرة ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ﴾... إن الله القوي العزيز حرم أن يكون للكفار سبيلٌ على المؤمنين، والاستعانة بالكفار تجعل لهم سبيلاً على المؤمنين ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾... والله القوي الجبار حرم موالاة الكفار وجعل من يتولاهم هو من المنافقين وله عذاب أليمً ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾.

 

والرسول eحرم الاستعانة بالكفار: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ eقَالَ: «إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ» أخرجه الدارمي في سننه... وأخرج الطبراني في المعجم الكبير عن خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُبَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رسول الله e: «فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ»... وأخرج الحاكم في مستدركه على الصحيحين عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ»...

 

وفي الختام فإن هذه الحكومات القائمة في الغرب الليبي وفي الشرق الليبي هي عميلة للغرب بشقيه الأوروبي والأمريكي، فيجب على الشعب الليبي الغيور على دينه وبلده وأمته أن يعمل على إسقاط تلك الحكومات التي مكنت الغرب الكافر، عدو الإسلام والمسلمين، من استباحة أرض المجاهدين حفظة القرآن الكريم... ثم إن الواجب عليهم أيضاً أن يأخذوا على أيدي تلك المليشيات والتنظيمات التي تقتتل فيما بينها فتسفك الدم الحرام ويكفّر بعضهم بعضا، وسفك الدم الحرام وتكفير المسلم هما أمران عظيمان عند الله سبحانه ورسولهe: أما عن سفك الدم الحرام، فقد أخرج الترمذي في سننه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ eقَالَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»... وأخرج النسائي في سننه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ eقَالَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»...

 

وأما عن تكفير المسلم، فقد أخرج البخاري في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ eقَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا»... وأخرج مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ بلفظ أَنَّ النَّبِيَّ eقَالَ: «إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا»... وجاء في الأدب المفرد عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ eقَالَ: «إِذَا قَالَ لِلْآخَرِ: كَافِرٌ، فَقَدْ كَفَرَ أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ الَّذِي قَالَ لَهُ كَافِرًا فَقَدْ صَدَقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا قَالَ لَهُ فَقَدْ بَاءَ الَّذِي قَالَ لَهُ بِالْكُفْرِ».

 

وهكذا فإن سفك الدم المسلم الحرام أمر كبير كبير، وكذلك تكفير المسلم أمر كبير كبير.

وخاتمة الختام فإننا ندرك أن هناك في البلد الطيب ليبيا كثيراً من الرجال الرجال المجاهدين الأبطال الأتقياء الأنقياء بإذن الله، وهؤلاء هم من نلتمس فيهم خيرا، فليقفوا وقفة حق وصدق أمام ذلك الرباعي من الشر: الكفار المستعمرين، الحكام الخونة المارقين، الذين يعادون شريعة الإسلام الخلافة الراشدة، والذين يعلنون الخلافة لغواً ويسفكون الدم الحرام باسمها تشويهاً لها... هذا الرباعي الشرير يجب الوقوف في وجهه وقفة حق وصدق... ومع كل هذا وذاك فنحن لا نيأس من روح الله، بل نستبشر خيراً بعودة الخلافة الحقّة، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فتحفظ أمن الناس، وترعى شؤونهم، فيعز بها الإسلام والمسلمون ويذل بها الكفار والمنافقون

﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

التاسع من ذي القعدة 1437هـ

2016/8/12م

للمزيد من التفاصيل