التاريخ الهجري   26 من جمادي الاول 1433

التاريخ الميلادي   2012/04/18م

رقم الإصدار:1433هـ / 11

إلى الدكتور حاكم المطيري،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

لقد اطلعت على موقعكم، فوجدتكم نشرتم (تحت عنوان: أسطورة الثورة.. 23--التيار الإسلامي وأزمة المشروع السياسي) رداً ثانياً لكم على رسالة النصيحة التي وجهها الحزب لكم بتاريخ 29/11/2010م.

ولكن ردكم الأول على رسالة "النصيحة"، لم يكن هو الرد المنشور في الموقع، بل كان ردكم الأول هو المؤرخ 8-9/12/2010 على رسالة النصيحة، وهذا نصه:

 (...أخالفك الرأي فيما ذهبت إليه:

فأولا قولك:

 (وفي الوقت نفسه فإنه لَيَحزُنُ الحزبَ أن يرى أو يسمع أن هناك كُـتَّاباً يدعون للخلافة بقلْبِ وجهها رأساً على عَقِب، فينادون بها اتحاداً بين حكام طواغيت يحكمون بأنظمة ما أنزل الله بها من سلطان، ويُوجِدون لهذا الاتحاد مجلساً يسمّونه مجلس خلافة، كأنه مؤتمر إسلامي أو جامعة عربية، أو في أحسن حالاته اتحاد أوروبي بين دول ذات كيانات منفصلة بسلطانها عن بعضها، ومع ذلك يسمون مشروعهم هذا مشروع خلافة! فيعملون، علموا أم لم يعلموا، على تشويه صورة الخلافة في أذهان المسلمين، ويشوشون على العاملين لها.) دليل واضح أنك لم تفهم وجهة نظرنا في الموضوع ألبتة ولو قرأت كتاب الحرية أو الطوفان وكتاب تحرير الإنسان لزال هذا الوهم بإذن الله ولو تابعت موقعي ومقالات نحو وعي سياسي راشد لزالت هذه الشبهة إذ المقصود هو وجوب قيام عمل جماعي سياسي منظم يسعى لتغيير هذه الحكومات ويقيم حكومات إسلامية تتناصر فيما بينها لتعيدها أمة واحدة وخلافة راشدة وهذا فرض على الجميع لا يتصور الخلاف فيه ولم يخطر لي في بال أن أدعو الحكومات الطاغوتيه لهذا الأمر!!!!

ثانياً: حزب التحرير وجماعة العدل والإحسان والقاعدة وغيرها من الحركات كلها تستهدف إقامة الخلافة وهو أمر مشكور منها وقد سبقهم إليه حسن البنا وقبله رشيد رضا في كتابه الخلافة...الخ إلا أن المشروع الفكري والعلمي عن الخلافة شيء والمشروع السياسي شيء آخر تماما وهو الذي لم نقف عليه لا عند الأخوان ولا حزب التحرير ولا أدل من ذلك على عجزها بعد سبعين سنة من تحقيق أي شيء في الواقع السياسي ولو إقامة دولة في المدينة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم!

ثالثاً: مشكلة حزب التحرير هو أنه جعل من طريقة إقامة الخلافة عبادة في ذاتها كالصلاة وسائر العبادات التوقيفية دون إدراك للفرق بين العبادة التوقيفية وسائر التكليفات الشرعية التي يجتهد المكلف في القيام بها على النحو الذي يحقق المطلوب كالجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والأخذ على يد الظالم ..الخ ومثلها فرض إقامة حكم الله وخلافته هو من باب الجهاد لا من باب الصلاة التي لا مدخل للرأي والاجتهاد فيها وهناك فرق بين وجوب إقامة الخلافة وطريقة إقامة الخلافة.

ثم بناء على هذه القاعدة التوقيفية يجب على الحزب أن يبحث ولو عن أي مكان ليجد فيه النصرة وليس بالضرورة دولة من الدول ولهذا فالقاعدة اليوم فيما تقوم به أقرب لذلك من حزب التحرير وهناك فرق بين إقامة دولة إسلامية في أي مكان وإقامة خلافة على الأمة كلها تجب عليها طاعتها ونصرتها!

ابعاً:  لا أتصور أن موضوع الخلافة يقاس على موضوع إقامة الدولة النبوية في المدينة حين طلب النبي صلى الله عليه وسلم النصرة إذ الفرق بين الأمرين ظاهر بين الحالين فالصحابة في المدينة أقاموا الخلافة في يوم السقيفة حين بادروا وتشاوروا واختاروا أبا بكر بالرأي والاجتهاد ولم يطلب نصرة من أحد ولا فعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا فالواجب على المسلمين اليوم أن يجتمع أهل الشوكة منهم والقدرة على إقامة الخلافة وتوحيد الأمة دون الإدعاء بأنه يجب عليهم أن يفعلوا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في مكة حين كان يبحث عن النصرة وبما أنه ليس في وسع أهل الإيمان أن يجتمعوا لإقامة الخلافة فالواجب عليهم العمل من أجل تحقق الشوكة لهم ليقيموا الخلافة وتحقق الشوكة يحتاج منهم إلى ما نسميه المشروع السياسي الذي يحقق الهدف النهائي!

خامساً: لا يمكن قياس حال الأمة اليوم وهي في دار الإسلام على حال النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وهي دار كفر وشرك إذا الأمة اليوم مخاطبة بقوله تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم} فإذا صارت في حال استضعاف لا يخرجها ذلك عن حكمها في حال الاستخلاف فهي مكلفة بكل الأحكام الشرعية لا يسقط عنها شيء منها بأي حال من الأحوال ولو أن الأمة اتحدت من جديد وعادت الخلافة من جديد ثم كفر الخليفة وارتد وانقسمت الأمة فهل يجب على الأمة البحث عن النصرة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم أم الواجب المبادرة لعزله أو جهاده بالقوة كما في حديث (إلا أن تروا كفرا بواحا) وحديث (من جاهدهم بيده فهو مؤمن) وغيرها من الأحاديث التي شرعت جهاد مثل هؤلاء ثم إقامة خليفة آخر وتوحيد الأمة من جديد؟! وما تقوله هنا هو ما نقوله نحن في واقعنا فالواجب تحرير الأمة من شوكة العدو الكافر الخارجي وتحريرها من عميله الداخلي وعلى أهل كل بلد القيام بذلك فإذا تم لهم ذلك وجب على الجميع التعاون على البر والتقوى وتوحيد الأمة واختيار خلافة واحدة.

سادساً: حزب التحرير له آيادي مشكورة وجهاد مبرور في هذا الباب إلا أنه لا يمارس أي فعل سياسي للتغيير اللهم إلا الجهد الفكري ولهذا ليس له دور في الجهاد في سبيل الله لدفع العدوان عن الأمة مع أنه من فروض الأعيان وفروض الكفايات على الأمة كلها بدعوى عدم وجود الخلافة وهذا تعطيل لكثير من الأحكام الشرعية الثابتة ثبوتا قطعيا بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ولهذا السبب عزل حزب التحرير نفسه عن الأمة وحركاتها الإصلاحية مع قوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} حتى أنهم لا يشتركون بأي عمل يتعاون فيه المصلحون على إقامة حق وإبطال باطل ولا أدري عن الأوضاع في السودان فقد يكون الأمر مختلف!

سابعاً: أخي الكريم كتاب أهل السنة والأزمة السياسية موجه للسلفيين خاصة وأهل السنة عامة وهؤلاء لهم أصولهم وقواعدهم في الاستدلال والجدل ونحن نخاطبهم بما يفهمونه ويعقلونه وهذا من السياسة الشرعية وأما غيرهم فبإمكانهم الرجوع لكتبنا الأخرى.

وكنت أحبذ لو خلت نصيحتك من لمز أخيك بالسعة في بلده أو أنه يداهن الطواغيت وهذه شبهة لو عرضت على كل مسلم ما استطاع دفعها عن نفسه فنحن في بلداننا ونعمل في جامعاتنا ونحمل جوازت سفر وكل ذلك في أنظمة حكم غير شرعية ولا ضير في ذلك ولا يعد ذلك مداهنة لهم إذ الأمة هي الأصل والأرض أرضها والدار دارها بحكم الله ورسوله وهذه الأنظمة غير الشرعية طارئة عليها وولاية الأمة على نفسها قائمة حتى لو طرأ عليها حاكم غير شرعي فالواجب إزالته هو ومنابذته السيف وتغييره لا حرمان الأمة من ولايتها على نفسها وأرضها وثرواتها وقد فصلت القول في ذلك في تحرير الإنسان.

ثامناً: أرجو أن تبقى الأخوة والمحبة بيننا مهما اختلفنا في الرأي فكل ميسر لما خلق له وكل يعمل على شاكلته ونحن وإياكم أخوة بنص القرآن فلا تجعل الخلاف في الرأي حاجزا بينك وبين الاطلاع على ما أكتبه فقد تجد فيه ما يستحق النظر وما قد يسهم في تحقيق هدفنا المشترك وهو إقامة الخلافة التي ترى أنت بأنها وطريقتها عبادة توقيفية وأرى أنا بأنها فرض اجتهادي يحتاج تحقيقه إلى كل أساليب الجهاد وفنونه ومهارات العمل السياسي المشروعة فالغاية تحقيق وحدة الأمة وإقامة حكم الله في الأرض فهذا هو الاستخلاف في الأرض.

وأعتذر عن الاختصار في المناقشة وهناك إشكالات لا يمكن فهما إلا إذا راجعت كل ما كتبته في هذا الموضوع ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية والسداد آمين!

محبك في الله د. حاكم المطيري ) انتهى

وواضح منه أنه رد غير جاد وهو أقرب إلى اللامبالاة منه إلى رد أهل العلم، ولذلك رد الحزب عليكم في 10/12/2010 بما يلي:

 (بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الدكتور حاكم المطيري،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،

نحن لا نحب "المساجلة"، وقد أرسلنا إليك رسالتنا (النصيحة) وكنّا نحسِبُ أننا نتناصحُ بجدٍّ مع أصحابِ علمٍ من المسلمين من أجل اتباع الحق وفق الأدلة الشرعية، فبينَّا لك وجوب النصرة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام الدولةَ بها، لكنك رددت علينا برسالتك التي وصلتنا ليلة (8/9-12-2010) بما يشبه الاستهزاء "والتندُّر"... على غير تناصُحِ أصحابِ العلم:

فأنتَ تقولُ إنّ الصحابةَ في المدينة يوم السقيفة أقاموا الخلافة وأصبح أبو بكر خليفة دون أن يطلب النصرة من أحد! فهل الصحابة وأبو بكر أنشأوا دولة أو هم استمروا في دولة أنشأها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبلُ بطلبِ النصرة؟ وهل يُعقَلُ أنك لا تدركُ الفرقَ بين إنشاء الدولة واستمرارها، إلا أن تكون تستهزئ بالنصرة وتتندّرُ بها؟!

وتقول إذا كانت الخلافةُ قائمةً وكفرَ الخليفةُ أتبحَثُ الأمةُ عن النصرةِ أم تقتلُهُ.. فهل هذه حالة إنشاء دولة أو موقف من الخليفة في حال وجود دولة الخلافة؟ وهل يُعقَلُ أنك لا تدركُ الفرق بين إنشاء دولة التي تحتاجُ طَلَبَ النصرة، وبين الموقف من الخليفة في حال وجود الدولة حيثُ يُنكَرُ عليه بالسيف إذا أعلن الكفرَ البَواحَ، إلا أن تكون تستهزئ بالنصرة وتتندّرُ بها؟!

وتأخُذُ علينا جَعْلَنا طريقةَ إقامة الخلافة توقيفية حسب الدليل كالعبادات، ثم تضيف: بناءً على هذه القاعدة التوقيفية يجب على الحزب أن يبحثَ ولو على أي مكان ليجد فيه النصرة، وليس بالضرورة دولة من الدول! فهل يُعقَلُ أنك لا تدركُ أن النصرةَ تُطْلَبُ من أهل القوة لإقامة دولة ولا يتأتّى ذلك في "أيِّ مكان" بل في دولة، إلا أن تكون تستهزئ بالنصرة وتتندّرُ بها؟!

ومع ذلك فإنك لا تكتفي بالاستهزاء بالنصرة والتندّر بها، والنصرةُ أمرٌ عظيمٌ عظيم، بل تتهمُنا، كما يفعل الآخرون الحاقدون على الخلافة وأهلها، تتهمُنا من طَرْفٍ خفيٍّ، بل من طَرْفٍ مُعلَنٍ، أننا نعطّلُ الجهاد، وكثيراً من الأحكام، بدعوى عدم وجود الخلافة! أهكذا يا دكتور؟! ففي أيّ كتابٍ أو بيانٍ لحزبِ التحريرِ وَجَدْتَ هذا القول؟ ألا تتقي الله في حزب تقيٍّ نقيٍّ، ولا نزكّي على الله أحداً، ترجو أنت في رسالتك بقاء الأخوة بينك وبينه؟

على كلٍّ، فإني أكتفي بهذا القدر مما جاء في رَدِّكَ، ولا يَضُرُّ حزبَ التحرير أن يزدادَ عددُ المستهزئين والْمُتَّهِمينَ واحداً، فإنّ العاقبةَ للمتقين، والله سبحانه يتولى الصالحين.

وسنغلقُ هذا البابَ معك، وحسبُنا أنّا نصحناكَ، فعرفناك، والسلام.

الرابع من محرم الحرام 1432هـ - 10/12/2010)انتهى

وهكذا أُقفِلت تلك الردود معكم.

الأخ الكريم: إن ردكم الثاني المنشور على موقعكم، حتى وإن كانت بعض أجزائه ليست على سواء، إلا أنه رد مؤدب، وأقرب إلى ردود أهل العلم من ردكم الأول المذكور آنفاً، وكم كنا نتمنى لو كان ردكم الثاني سابقاً لردكم الأول، لكان الأمر على غير ما كان!

على كلٍّ، نحن لم نرسل لك "النصيحة" من باب المساجلة بل تلك كانت من باب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» رواه مسلم.

وقد دفعنا إلى ذلك ما رأيناه في كتابك من أمر حسن خالطه أمر غير حسن، فأحببنا أن نضع الخط المستقيم أمام الخط الآخر، وكنا نرى أنك إن قبلت النصيحة فخير، وهو ما كنا نبغي ونحب، وإن لم تقبلها، فلا نملك إلزامك بل أنت وشأنك... ولذلك فإننا نكتفي بما مضى من أخذ ورد ولا نرد على الأجزاء التي ليست على سواء في ردك المنشور على موقعك، فرسالتنا النصيحة كافية، وآراؤنا واضحة في كتبنا وبياناتنا التي هي على مواقعنا واضحة جلية.

وفي الختام، فقد كان أفضل لقرّاء موقعك أن تنشر رسالتنا إليك "النصيحة" ثم تنشر بعدها ردَّك، لا أن تجتزئ منها فقرات تردّ عليها دون ذكر الباقي، فلا تكون الصورة واضحة للقارئ، أليس كذلك؟

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ملاحظة: نحن لم ننشر على مواقعنا رسالة النصيحة وردودها قبل أن تتطرق أنت إلى الموضوع على موقعك، أما وقد كان، فسننشر رسالة "النصيحة" وردك الأول وردنا عليه، أما ردك الثاني على جمل مجتزأة من رسالة النصيحة فسننشره بإذن الله عندما تنشر رسالة النصيحة على موقعك... والله سبحانه يتولى الصالحين.

عثمان بخاش

مدير المكتب الإعلامي المركزي

لحزب التحرير

للمزيد من التفاصيل