عقد حملة الدعوة في بيت المقدس يوم الجمعة الموافق 15\4\2011م درسا حاشدا في المسجد الأقصى المبارك،
 حيث ابتدأ المحاضر باستعراض قول الله سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ *"
وقال أن ما في هذه الآيات من وعد للمؤمنين بالنجاة من العذاب وغفران الذنوب وسكنى الجنات، وفوق ذلك النصر في الدنيا والفتح القريب، لهو كاف ليجعل من المؤمن شعلة نشاط وعمل وبذل وتضحية.
 
ثم تطرق المحاضر إلى معنى الفتح، وما يوحي به من انكسار الأقفال المستعصية، والانتقال من حالة الانغلاق والجمود، إلى حالة الانفتاح والانسياح والتدفق، وأن التغيير في ظروف المرحلة ومزاياها وعقباتها وصعوباتها يؤدي للتغيير في الأجر المترتب على العمل في المرحلة، وأن المرحلة إذا ما انتهت فقد انتهى عملها، وأغلق كتابها، وذهب العاملون فيها بأجرها، ومن لم يعمل فقد خسر نصيبه من ذلك الأجر.
 
واستشهد على ذلك بقول الله عز وجل: " وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"
في مرحلة ما قبل فتح مكة كان الانضمام العلني إلى الدعوة يتطلب جرأة وتضحية ومواجهة للنظام ورجاله ومصالحه والتعرض للتعذيب والشائعات والمقاطعة وحصار الأحزاب الذي فيه زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، وأما بعد الفتح فإن القبائل جاءت مسلمة ومبايعة ودخلت جميعها في الدولة الإسلامية، وأقبلت على الإنفاق والقتال في سبيل الله.
 
وهكذا، في كل مرحلة كان يختلف وضع الدعوة، وبذلك تختلف درجة الابتلاء، ويختلف الأجر، ولا تشبه أية مرحلة مرحلة أخرى! فالذي أسلم وأعلن إسلامه قبل أن يسلم عمر وحمزة يختلف عن الذي أسلم بعد أن اشتدت شوكة الدعوة بعمر وحمزة، والذي أسلم قبل الهجرة غير الذي أسلم بعد الهجرة، والذي أسلم قبل الانتصار في بدر غير الذي أسلم بعد الانتصار في بدر، والذي أسلم قبل صلح الحديبية غير الذي أسلم بعد صلح الحديبية، وهكذا... لكل مرحلة ابتلاؤها، ولكل ابتلاء أجره وثوابه، وإذا ذهبت مرحلة لا تعود بعد ذلك أبداً!
 
والشيء نفسه ينطبق على الدعوة لإقامة الخلافة من جديد، فقد مرت في مراحل: مرحلة التأسيس، ومرحلة انبهار الأمة بعبد الناصر، ومرحلة انبهار الأمة بالعمل الفدائي، ومرحلة انبهار الأمة بالثورة الإيرانية، ومرحلة انبهار الأمة بصدام حسين، ومرحلة انجرار الأمة والعالم وراء العولمة الأمريكية، ومرحلة الحرب الأمريكية على الإسلام تحت مسمى الحرب على الإرهاب، والآن مرحلة انفجار الأمة في ثورات متلاحقة في البلاد العربية سقط فيها طغاة عتاة، والأمة تحاول أن تستبين طريقها...
 
وفي كل مرحلة كان للدعوة مقدار معين من القوة والانتشار، وأمامها تحديات معينة وإغراءات كثيرة، وفي كل مرحلة تختلف درجة استماع الناس أو صدودهم، وتختلف درجة قمع السلطات أو تساهلها، ويختلف وضوح عداء الغرب للإسلام أو استتاره، وتختلف جرأة الناس على النظام أو خوفهم منه...
 
والدعوة في جميع المراحل واحدة لا تختلف! ولكن الابتلاء يختلف والأجر يختلف، وهنا وجب اغتنام كل مرحلة تمر بها الدعوة، لتحصيل الأجر الخاص بها، والذي لا يتكرر في غيرها!
 
وختاماً دعا المحاضر العاملين المخلصين إلى اغتنام المرحلة الجديدة التي دخلت فيها الأمة، بما فيها من مزايا وبما تفرضه من تحديات، قبل أن تنقضي المرحلة ويأذن الله تعالى بقيام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وبعد ذلك تكون مرحلة جديدة، وينتهي عمل هذه المرحلة، ويرتفع أجرها.
17/4/2011