بشرى الخلافة...حق وحقيقة

بقلم: علاء أبو صالح

 

عندما نبشر الأمة بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، إنما نبشرها باثنتين؛

 

الأولى، نصوص شرعية تصف مراحل سير الأمة وتحول أنظمة الحكم فيها وتؤكد البشرى؛ أن مآل الأمة ومصيرها هو خلافة على منهاج النبوة "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"، ونصوص ترسخ حقيقة انتصار الإسلام وظهوره على الدين كله ووصوله لكافة أصقاع المعمورة "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر"، فهذا حق وما سواه ضلال مبين.

 

أما الثانية فهي دراسة الواقع التي تؤكد أن سير الأمة نحو تحقيق موعود الله هي حقيقة ملموسة، ونتيجة تراكمية بل حتمية لأخذ الأمة والعاملين فيها بأسباب النصر والتمكين.

 

فالنظرة العميقة المستنيرة لحال الأمة اليوم وما وصلت إليه تُري أن منحنى سير الأمة تصاعدي مطرد رغم ما تعيشه من عثرات ورغم ما تكابده من آثار جراء محاولتها الانعتاق من ربقة وهيمنة الاستعمار.

ذلك أن مقياس واقع الأمة يرتكز على مدى وعيها على مبدئها وعلى مدى إقدامها على التضحية في سبيله، ولا يقاس حال الأمة بالنظرة المادية الآنية المجردة، فالنتائج المادية المرجوة هي ثمار زراعة فكرية وتحولات سياسية تمتد لعقود بل ربما أكثر.

والعليمون بأحوال الأمم والمجتمعات والذين يملكون أدوات القياس الدقيقة يرون في تحركات الأمم ما لا يراه الرائي للوهلة الأولى، فهم يقفون على الدوافع والأفكار والتطلعات، سواء تلك التي تعلنها الأمة أو تلك التي تعجز عن التعبير عنها أو حتى تلك التي ضُللت بها.

وإذا كان العليمون بأحوال الأمة من الأعداء فاهتمامهم ينصب على رسم السياسات التي تحول دون تحقيق الأمة لأهدافها، وإذا كانوا من الأمة والساعين لنهضتها فهمّهم يجب أن ينصب على تحفيزها وإرشادها نحو سبيل العلا والحيلولة دون انتكاستها.

إن الأمة اليوم باتت تدرك غايتها كأمة، رغم كيد وتضليل المضللين، فهي ترى أنها يجب أن تكون خير أمة أخرجت للناس، وفِي ذلك تطلع لسيادة مبدأ الإسلام وظهوره على الدين كله، وترى أن لا سبيل لتحقيق ذلك إلا بإقامة الخلافة على منهاج النبوة، الخلافة التي تطبق الإسلام وتحمله رسالة خير ورحمة للعالمين، وهي وإن أخطأت في الإفصاح عن ذلك تارة أو غُشّي عليها تارة أخرى إلا أنها لا ترى حلاً حقيقيا لكل مشاكلها ولعودتها إلى سالف عهدها إلا بالخلافة، رغم محاولات الكافرين وأدواتهم ايهامها بأن إقامة الخلافة ضرب من الأوهام، وهي وإن أخفقت في مسعاها تارة أو طال بها الزمان فهي حتماً ستصل إلى مبتغاها فتلك سنة الله في الأمم.

إن فكر الأمة في وعي مطرد، وإدراكها لوجوب الحكم بالإسلام إدراك متنامي، كما أن إقدامها على التضحية بات مضرب مثل، ونظرة مقارِنة بين حالها اليوم وحالها قبل عقود، من حيث الوعي والفكر والسلوك، تُري حجم التغير الحاصل، وهو تغير في الاتجاه الصحيح رغم ما يكتنفه من دخن، وهو تغير يُلقي الرعب في روع الكافرين المستعمرين بينما يبشر المؤمنين.

والحال كذلك فإن الأمة لا ينقصها إلا القيادة السياسية الواعية المخلصة التي تنقي فكرها وتشحذ همتها وتأخذ بيدها نحو بر الأمان وصعيد العزة والتمكين، فتقيم الخلافة التي تحق الحق وتبطل الباطل وتحقق البشرى.

 

25-8-2017