أوروبا تحترق بنيران تطرفها وإرهابها
حسن المدهون/ عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين
وجهت حادثة النرويج الإرهابية صفعة قوية لأوروبا كلها إزاء تنامي دعوات التطرف والتحريض على المسلمين.
هذه الحادثة صعقت المجتمع النرويجي وشعوب أوروبا بمجموعها، وهي أول نار تحرق الأوروبيين من داخل أوروبا نتيجة لما أشعله قادة أوروبا وإعلامها من حقد وتطرف ومعاداة للإسلام والمسلمين، في سياسة ممنهجة بدأت تظهر في الأعوام الماضية برعاية قادة أوروبا تحث الأوروبيين على التطرف وكراهية المسلمين والعداء لهم، فكان الأوروبيون هم أول من اكتوى بدعوات التطرف والعداء للمسلمين، نتيجة هذه الحادثة.
 
ولم تكن فقط الصفعة نتيجة لما تحدث به عن إعجابه وتقديره الكبير لمتطرفين في كيان محتل مثل "إسرائيل" هي الصفعة الوحيدة اللافتة في اعترافات منفذ العملية.
بل إن إعلان عداءه للمسلمين وكراهيته لهم هي الصفعة التي أتت على قادة أوروبا كلهم وهم الذين غذوا هذه النزعة العدائية للمسلمين بتصريحاتهم ومواقفهم خلال الأعوام الفائتة.
وهذا الإعلان قد تخطى الحواجز الحدودية لدول الاتحاد الأوروبي عندما أعلن عن علاقة وثيقة بين الفاعل الإرهابي وبين شخصيات متطرفة في بريطانيا، وعن إعجاب الفاعل بشخصية المعادي الهولندي للإسلام فيلدرز.
مما يعني أن أوروبا اليوم تكتوي بنيران التطرف التي زرعته أيدي قادته وأحزاب كثيرة مفلسة أصبحت مادتها الدعائية ترتكز على مفاهيم معاداة الإسلام وأحكامه من منع لغطاء الرأس والوجه ومنع لبناء المآذن والتضييق على المسلمين في أحكام دينهم في معاملة المرأة والأطفال ومحاربة ثقافتهم بحجة الاندماج.
 
ولسنوات طويلة أزكمت أنوفنا بموضوع الإرهاب، وتحول اللفظ الفضفاض إلى معنى معاداة المسلمين والإسلام وأن كل مسلم هو متهم حتى تثبت براءته، وتداعت وسائل الإعلام المحافظة كإمبراطورية مردوخ الإعلامية وغير المحافظة إلى التحذير من الإرهاب وجعل الكلمة ردفية للإسلام والمسلمين وضرورة وجود موقف قوي تجاه هؤلاء المتطرفين كما يصفون كثيرا من المسلمين وأن الغرب كما قال بوش الابن لا يحارب المسلمين وإنما يحارب المتطرفين وكأن بوش هو صاحب الحكم على المسلمين وهو الذي له حق تصنيفهم إلى متطرفين ومعتدلين وبحسب مفهوم التطرف و الاعتدال بما يلائم المصالح الأمريكية، وتبعته في كل هذا أوروبا وكثير من دولها في مشاركته الحرب على ما أسموه الحرب على الإرهاب، واشتركوا جميعا في احتلال أفغانستان وفي المسؤولية المباشرة وغير المباشرة عن الجرائم التي تحدث فيها.
 
ثم امتدت الموجة إلى قلب العالم الإسلامي بضرورة تغيير مناهج التعليم وبضرورة المشاركة الأمنية للولايات المتحدة في جمع المعلومات وتتبع المطلوبين وتسليمهم وإقامة السجون السرية في بعض البلدان.
 
ثم كانت الموجة الثانية في العداء للمسلمين وقيمهم والتي أخذت دورا كبيرا في أوروبا على التحديد وابتدأت بمنع غطاء الرأس في فرنسا ولحقتها بلجيكا، ومن ثم وجد الأوروبيون أنفسهم في حالة انهزام حضاري على الرغم من التقدم المادي والتكنولوجي فبدأت حملات ثقافة الاندماج ومحاربة القيم الإسلامية للمسلمين المتواجدين في أوروبا.
 
والمؤشر الأخطر الذي دق ناقوس الخطر عند قادة أوروبا هو تنامي الإسلام وقيمه بين أبناء الجاليات المسلمة في أوروبا، بل وأصبح الإسلام دينا جاذبا لقطاعات بدأت تتنامى من ذوي الأصول الأوروبية، فكان التحول نذير خطر على حضارة الغرب المفلسة، إذ ما الذي يجذب الأوروبيين وهم دعاة الثورة الصناعية ودعاة الحرية وأصحاب الفكر الحر إلى ترك معتقداتهم والدخول في دين له منظومة فكرية تخالف واقع الحضارة الغربية قلبا وقالبا سوى أمرين اثنين وهما خواء الفكرة والحضارة الغربية بشقيها الرأسمالي البحت والرأسمالي الاشتراكي وثانيا القوة الفكرية التي وجدت في الإسلام ذاته.
 
فأدرك قادة أوروبا أن لا سبيل لمواجهة منظومة الإسلام الفكرية المتنامية في أوروبا إلا بسبيل واحد وهو الترهيب وخلق حالة من الرعب تجاه الإسلام والمسلمين واتهامهم تارة بالإرهاب وتارة بعدم الاندماج، عدا عن حملات التخويف المرعبة من الإسلام والمسلمين والتي شاركت فيها وسائل الإعلام المختلفة في أوروبا، والتي تهدف إلى خلق حالة نفسية ترعب المجتمعات الأوروبية من الإسلام والمسلمين بهدف منع التوجه المجتمعي باتجاه الإسلام في أوروبا.
 
وفي هذا الإطار جاءت تصريحات بابا الكنيسة بنديكتوس المعادية للإسلام وأهم أركانه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وكأن أحد أهداف الكنيسة الخاوية تجميع الناس حولها وتنفيرهم من المسلمين بالكراهية لا بالمواجهة الفكرية بينها وبين الإسلام.
 
وتلا ذلك الإعلان والموجة التي رافقته ورفض البابا الاعتذار عن تصريحاته، موجة الرسوم المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والتي أصبحت محمية بموجب قوانين الحريات العامة بينما تجرم نفس القوانين من يشكك في عدد ضحايا المحرقة!.
 
ثم جاءت تصريحات قادة أوروبا على مدار الأعوام الفائتة والتي تعج بالكراهية تجاه الإسلام سواء من ساركوزي أو ميركل أو بيرلسكوني أم آخرهم كاميرون اليميني المتطرف والمرتبط بشبهات ميردوخ مروج التطرف الأول والكراهية على الإسلام.
 
إن هذه الصفعة التي تلقتها أوروبا التي غذى قادتها العنصرية والتطرف، واجب عليها أن تعيد النظر ألف مرة في سياستها التي اختطها قادتها تجاه الإسلام والمسلمين وتجاه العنصرية التي زرعها الإعلام في مواجهة الإسلام وتمدده في أوروبا وإلا فإنها لن تكون آخر الحرائق التي تشتعل في أوروبا وبأيدي الأوروبيين أنفسهم لتمتد خارج أوروبا.
 
وما النزعات التي ظهرت في العقود والقرون الماضية في أوروبا من مثل ما قام به نابليون وهتلر إلا مثال على ما يمكن أن تحرق أوروبا به نفسها إن استمر قادتها في سياسة التحريض على الإسلام.
 
وهنا أنصح الأوروبيين وقادتهم ومؤسساتهم ومفكريهم أن يبحثوا في التطرف والإرهاب عندهم بدلا من إزكام أنفاسنا في بلاد العرب والمسلمين ببحث هذه الأمور، فمن يحترق بيته لا يسعه أن يذهب لإطفاء بيت الجيران ولو ادعى ذلك، ومن امتلأت جعبته بالمشاكل والأزمات ليس في وسعه أن يلعب دور المخلص ويقوم بتوزيع الهدايا .
 
فلينتبه الأوروبيون وقادتهم إلى مشاكلهم وأزماتهم بدلا من إظهار قلقهم على الشعوب الأخرى خاصة في بلاد العرب والمسلمين، فنحن في بلاد العرب والمسلمين اليوم بخير كبير وقد بدأنا نتلمس طريق نهضتنا على الرغم من القهر الذي زرعه الحكام المدعومون من الأوروبيين والأمريكان.
 1-8-2011